مهزومون أمام "حماس"، ويخسرون مصر: قادة الحرب يقودون إسرائيل نحو الكارثة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • هناك خمسة "قادة" في المجلس الحربي يقودون دولة إسرائيل نحو كارثة لم تشهد مثيلاً لها من ذي قبل.
  • هؤلاء "القادة" هم: نتنياهو، وغالانت، وهرتسي هليفي (الذي تؤثر روحه ومواقفه في أعضاء "الكابينيت"، حتى لو لم يكن جالساً معهم، باستثناء ما يجري في الاجتماعات التي يُدعى إليها)، وبني غانتس، وغادي أيزنكوت. هؤلاء مسؤولون بصورة مباشرة عمّا حدث في 7/10/2023، وهو إخفاق لم نشهد مثيلاً له من ذي قبل. هذه الشلة مدانة أيضاً، وبصورة مباشرة، بسبب خسارتنا في مواجهة "حماس" في الحرب الدائرة في قطاع غزة، والأسوأ من هذا كله، لم يأتِ بعد. هؤلاء يتخذون قرارات تؤدي بنا إلى تدمير بلدات الشمال والجنوب، والجيش، والاقتصاد، وعلاقاتنا بالعالم، وتدفع بالمجتمع والدولة إلى "مسادا" [اشارة إلى الانتحار الجماعي لليهود، بعد فقدانهم الأمل في الانتصار على الرومان في سنة 73 بعد الميلاد، تفادياً لوقوعهم في الأسر].
  • هذه المجموعة المسؤولة عن أكبر كارثة إخفاق منذ قيام الدولة، كيف يعقل أن تدير مجلسنا الحربي اليوم؟ ما من أمر منافٍ للعقل أكبر من ذلك في تاريخ دولة إسرائيل. لو حدث هذا في أيّ مكان في العالم لجُلب هؤلاء إلى المحكمة بسبب إهمالهم الذي وصل إلى حدّ الإجرام. ألم ينضج شعبنا بعد 75 عاماً لكي يدير موطنه؟ وإلّا، فما الذي يمكن أن نقوله عن الشعب الذي يتيح لمثل هؤلاء "القادة" مواصلة إدارة حياته وحروبه؟ لقد تحولنا إلى جمهورية موز بكل ما تحمل الكلمة من معنى. ما هكذا تورد الإبل!
  • في الآونة الأخيرة فقط، قرر أولئك "القادة" توسيع القتال الدائر في رفح، على الرغم من أن قراراتهم السابقة تسببت بسقوط مئات القتلى في صفوف جنودنا، وآلاف الجرحى، عندما احتلوا 80% من قطاع غزة (باستثناء رفح). وبعد الاحتلال، قاموا بإخراج قواتنا من القطاع، لتعود "حماس" وتسيطر مجدداً على الميدان بأسره. الإغارات المتكررة والمستمرة على مناطق قمنا باحتلالها، ثم خرجنا منها، لن تؤدي إلى تقويض "حماس"، بل ستُفاقم خسائر قواتنا من قتلى وجرحى.
  • على خلفية أزمة العلاقات مع مصر، بتنا نسمع من المصريين تهديدات واضحة، مؤخراً، على ألسنة إعلاميين وباحثين مقربين من النظام المصري، بشأن المساس بالعلاقات بين الدولتين، إلى حد تجميد معاهدة السلام، أو إلغائها، إذ أعلنت مصر اليوم أنها من المتوقع أن تنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في لاهاي وتؤيدها، في أعقاب النشاطات الأخيرة التي مارستها إسرائيل في رفح. وعلّقت وزارة الخارجية المصرية بالقول إن "إسرائيل تمس بالمدنيين في غزة بصورة مباشرة، وتقوم بتدمير كثير من البنى التحتية".
  • اليوم، لدى مصر الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، 4000 دبابة، منها 2000 دبابة متطورة، ومئات المقاتلات الجوية الحديثة، وسلاح بحرية هو الأقوى في الشرق الأوسط. إن انقلاب الجيش المصري علينا هو مأساة لا تملك إسرائيل أيّ حلّ لها، ولأن مصر اعتُبرت دولة سلام على مدار سنوات طويلة، لم تأبه إسرائيل لبناء قوة لمواجهتها، ولم تضع على حدودها ولو دبابة واحدة. إن إلغاء السلام مع مصر يُعتبر كارثة أمنية بالنسبة إلى إسرائيل، وبجميع المقاييس، وفي هذه الحالة، لم يتبقّ لنا سوى الصلاة، طلباً لغوث الرب، وكل ذلك هو صنيعة أيدي ثلة من الحمقى الذين يديرون الحرب في المجلس الحربي المصغر. هؤلاء في طريقهم نحو دفن دولتنا، وهذا ليس سوى ضوء أحمر، وأجراس إنذار ينبغي لكل مواطن إسرائيلي الانتباه لها.
  • علاوةً على ذلك، من دون استبدال حكومة "حماس" المدنية بسلطة أُخرى، لا توجد أيّ فرصة لتحقيق النصر عليها. إن تقويض السلطة المدنية التابعة لحركة "حماس"، وإحلال إدارة أُخرى محلها لا يظهران في الأفق، لأن نتنياهو غير معنيّ بمناقشة الأمر. ومن الممكن أن تتطور هنا حرب استنزاف بطيئة تستمر أعواماً طويلة في مواجهة "حماس" في غزة، وحزب الله في لبنان، وتؤدي إلى انهيار إسرائيل من الداخل. في تقرير نشرته صحيفة "معاريف" يوم السبت الماضي، ورد ما يلي "الإحباط بين المقاتلين في غزة يتصاعد، وإن لم نتحرك، فسنصل إلى مرحلة رفض الأوامر في صفوف الجنود".
  • "ونشرت الصحيفة رسالة ورد فيها التالي "اسمي ياعيل، وأنا أمّ أحد مقاتلي الكوماندوس. أريد أن أقول لكم أنني صرت حطاماً، فنحن نرى التقارير والتحليلات، وما يؤدي إليه انعدام اتخاذ القرارات بشأن ’اليوم التالي’، من قتلى في صفوف الجنود. تنفطر قلوبنا على مشاهدة الجنود يدخلون، ويُقتلون، ويصابون بجروح، مراراً وتكراراً، في الأماكن نفسها، لا لسبب، إلا المماطلة المدفوعة بمصالح سياسية داخلية. وها نحن نعود مجدداً إلى جباليا، ثم الزيتون، وهذا ما سيجري في كل حيّ قاتلنا فيه سابقاً". هذا ما كتبته ياعيل، وهي والدة أحد المقاتلين الذين من المفترض أن يدخلوا مجدداً لاحتلال جباليا في شمال القطاع.
  • سيمثل الدخول إلى رفح المسمار الأخير في نعش قدرتنا على تقويض "حماس". إن الحرب الإقليمية باتت على الأبواب، وستكون أخطر وأفظع بمئات المرات من الحرب في غزة. أمّا "القادة" الذين يقودون حربنا، فهم، بقراراتهم، يضحّون بنا على مذبح حرب إقليمية شاملة، وهم لا يحضّرون الجيش، ولا الجبهة الداخلية لمثل هذه الحرب التي ستكون من أفظع حروب إسرائيل.
  • ثلاثة من هؤلاء القادة، نتنياهو وغالانت وهرتسي هليفي، يسعون لاستمرار الحرب، بقدر استطاعتهم، لكي يتمكنوا من إنقاذ أنفسهم من الكارثة التي جلبوها على رأس إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وبالنسبة إليهم، فإن إنهاء الحرب سيكون بمثابة نهاية لمستقبلهم السياسي. طوال العامين الماضيَين، قام كلٌّ من بني غانتس وغادي أيزنكوت أيضاً بتحطيم قدرات الجيش، لكونهما رئيسَي هيئة أركان، والمسؤولَين عن التخفيضات المؤلمة في عديد الجيش، واليوم، هما يسعيان لتبرير دخولهما إلى الحكومة؛ وهذا هو، بالذات، السبب الذي يجعلهما توأمَين مطابقَين لنتنياهو.
  • الفكرة الرئيسية التي تستأثر بنفسيهما: ما هي الخطوة التي يجب اتخاذها في قطاع غزة، ويأمل معظم الشعب بالقيام بها، لكي يؤدي الأمر إلى كسب مزيد من المقاعد لحزبهما. منذ وقت ليس ببعيد، كتب أيزنكوت أن القرارات التي يتم اتخاذها في مجلس الحرب بشأن ما يحدث في غزة، هي قرارات تكتيكية غير استراتيجية، ولن تؤدي إلى القضاء على "حماس" في نهاية المطاف. لكنه عاد إلى الطابور، على ما يبدو، يظهر أن غانتس وأعضاء حزبه همسوا في أذنه بأن مواقفه قد تجعل حزبه يخسر مقاعد، وخصوصاً من الشق اليميني في الحزب. هؤلاء سيهربون من الحزب لأن الشعب يرغب في سماع ما يقوله نتنياهو "القضاء على حماس بالكامل"، على الرغم من أن مقولاته ليست سوى كليشيهات ليس لها أيّ معنى حقيقي، ولا أساس لها على أرض الواقع.
  • هؤلاء "القادة" يقودوننا إلى الوحل، كما قادونا إلى الوحل اللبناني قبل 18 عاماً، مع فارق واحد كبير جداً: آنذاك، كان لدينا بضعة فرق قادرة على الحلول محل الفرق التي تكافح "الإرهاب"، وهكذا تمكننا من الحفاظ على قوتنا لمواصلة القتال طوال الوقت. أمّا اليوم، بعد التخفيض المريع في عديد قواتنا البرية، لا يوجد فائض لدينا في سلاح البر، ولا تملك الفرق، أو الألوية، أو الكتائب التي تكافح "الإرهاب" قوات احتياطية لتستبدلها (وهذا هو أيضاً سبب قيامنا بإخراج قواتنا، بعد نجاحنا في احتلال 80% من قطاع غزة، لأنه ليس لدينا قوات أُخرى قادرة على الحلول محلها بعد نصف عام من القتال المتواصل).
  • معنى هذا استنزاف مقاتلينا حتى العظم، وهي ظاهرة باتت مفاعيلها تظهر اليوم فعلاً، ويمكننا رؤية بوادرها. يتجلى التآكل واضحاً في رفض العشرات من المظليين التجند مجدداً والعودة إلى القتال، وفي الرسالة التي أرسلتها عائلات 400 مقاتل إلى كلٍّ من غانتس وأيزنكوت، طالبت بعدم السماح لأبنائها، الذين قاتلوا طوال نصف عام، بالعودة مجدداً للقتال في رفح. هذا التآكل قد يتسع نطاقه، إذا استمرت الحرب التي فقدت معناها منذ زمن، ولم تحقق أهدافها.
  • الجيش الإسرائيلي، اليوم، غير قادر على إسقاط "حماس"، حتى لو طال أمد الحرب. والأهم من ذلك، أنه غير قادر على إبعاد حزب الله إلى شمالي الليطاني، بما يسمح بعودة 100 ألف مهجر إلى منازلهم في الجليل الأعلى. لا فائدة مطلقاً من استمرار القتال داخل قطاع غزة، لأنه سيكبّد الدولة والمواطنين أضراراً هائلة. إن استمرار القتال سيؤدي، خلال فترة قصيرة، إلى انهيار جيش الاحتياط، ومعه سلاح البرّ كله، إلى جانب الاقتصاد، والعلاقات الإسرائيلية بدول العالم، والمجتمع الممزق من داخله.
  • وبما أننا غير قادرين على تحقيق هدف القضاء على "حماس"، وخلال فترة قصيرة، قد نتسبب بموت مخطوفين آخرين، فلا توجد أمامنا سوى طريقة واحدة للخروج من الفخ: أن تعلن إسرائيل وقف القتال، وتحديد مهلة تتيح عودة المخطوفين والمهجرين إلى منازلهم، والأهم من ذلك: ترميم الجيش، والاقتصاد، والمجتمع، والعلاقات الدولية، وتحضير الجيش لحرب إقليمية متعددة الجبهات، نحن غير مستعدين لها مطلقاً اليوم. هذه الحرب ستأتي، عاجلاً أم آجلاً، وقد تدمّر الدولة إن لم نتحضّر لها.
  • في هذه الأثناء، لا يزال إعلان وقف القتال ممكناً، لكي يوقف حزب الله إطلاق النار على بلداتنا. فإذا لم نعلن وقف القتال الآن، فلا ضمانات لدينا أن "حماس"، أو حزب الله، سيكونان مستعدَّين لوقف القتال بعد عدة أشهر، حتى لو أعلنت إسرائيل استعدادها لذلك. ستدرك "حماس" وحزب الله أن حرب الاستنزاف التي يخوضانها ضدنا تصبّ في مصلحتهما، وأن إسرائيل ستنهار من الداخل خلال وقت قصير.
  • نقطة أُخرى أودّ توضيحها لمن لم يدركوا الأمر بعد: الرئيس بايدن يؤيدنا تماماً. إنه يحاول إنقاذنا من أنفسنا، ويدفع في اتجاه إنهاء الحرب والحؤول دون وقوع كارثة في إسرائيل، يقودنا إليها "قادتنا" في مجلس الحرب المصغر.
 

المزيد ضمن العدد