أنتم مدعاة للخزي، وقد ضقنا ذرعاً بكم. النزاعات داخل المجلس الوزاري المصغر خطر على الدولة
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
- إن هذا التطاحن السائد بين أعضاء مجلس الوزراء الحربي هو أكثر من مجرد حدث محرج، فما بدأ في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الدفاع يوم الأربعاء الماضي، استمر عبر معركة من التعليقات والردود المؤيدة لنتنياهو والمعارضة له، وانتهى بالمؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير غانتس يوم أمس، وهذا كلّه يشكل خطراً محققاً على أمن دولة إسرائيل.
- عليكم أن تضعوا آراءكم السياسية جانباً للحظة (إذا كان هذا ممكناً أصلاً)، حتى لو كنتم تمقتون نتنياهو، وتحتقرون غانتس، وتستخفون بغالانت، وحتى لو كنتم يساريين، أو يمينيين، أو من التيار الوسطي، وسواء أكنتم مع الإصلاحات القضائية أم ضدها، وكنتم ملتزمين بتحقيق النصر المؤزر، أو تعتقدون أنه لا وجود لأمر كهذا، فعليكم أن تقفوا وتفكروا لثانية؛ من هو المستفيد من معركة الصراع القذرة بالوحل هذه التي انغمس فيها زعماؤنا؟
- يصعب على المرء ألاّ يتخيل السنوار جالساً يراقبنا من أحد الأنفاق، والابتسامة العريضة تحتل وجهه؛ ففي الوقت الذي يتمتع فيه أعداؤنا بوحدة الصف، يسود في أوساطنا القتال الطاحن، أو "حرب وضرب" [بحسب كلمات الأغنية الشعبوية التي انتشرت في إسرائيل، والتي تدعو إلى تدمير قطاع غزة]. إن ما وعدونا به في بداية طريق حكومة الوحدة الوطنية الواعدة والمقبولة على قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي قد تحوّل إلى مجلس حربي يمزقه الشك والريبة، ومنقسم، ومتنازع، ويُظهر إسرائيل بصورة ضعيفة.
- إن المسؤولية ملقاة، في هذا الحال أيضاً، على عاتق رئيس الحكومة غير القادر على تلافي استخدام الحيل، والبهلوانيات الإعلامية، حتى في عز الحرب. وعادة ما يكون هذا الرجل هو من يشعل النار، وفي بعض الأحيان يكون هو من يقوم بإذكائها، وحتى حينما تخرج عن السيطرة، فإنه لا يتصرف بمسؤولية ويقوم بإطفائها، إنما يقوم بما هو عكس ذلك.
- لكن الآخرين في القيادة ليسوا معفيين من المسؤولية أيضاً. فما الذي حققه المؤتمر الصحافي الذي عقده غانتس يوم أمس؟ "إن كنت ترغب في الاستقالة فتفضل، وإن كنت ترغب في الاستمرار في التهديد بلا طائل، فيمكنك أن تتخلى عن ذلك." هذا ما قيل لغانتس من أعضاء حزبه، بحسب ما قال لي أحد المسؤولين في حزب "المعسكر الرسمي"، في الوقت الذي قام فيه أعضاء الكنيست من الحزب بالضغط على غانتس لمطالبته بالانسحاب الفوري من الحكومة، كما قال لي أحد أعضاء الكنيست [من حزب غانتس]: "لقد أدمنّا على استطلاعات الرأي"، كما قال لي: "لقد بتنا منهَكين، أمّا نتنياهو وبن غفير، فيجعلان منا أضحوكة، وعلى غانتس أن ينسحب الآن بدلاً من أن يُشبعنا كلاماً."
- وفي هذه الأثناء، وبالقرب من حدودنا الشمالية المهجورة، يجلس نصر الله في مخبئه، وينتظر ساعة الحسم، ولا شك في أنه يلوم نفسه لأنه فوّت على نفسه فرصة المشاركة في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، فلو كان يعلم مسبقاً السهولة التي ستتمكن "حماس" فيها من ضرب إسرائيل، لكان قد انضم إلى الحرب آنذاك بكل تأكيد. واسمحوا لي أن أراهن على أن السجالات العلنية بين أعضاء المجلس الحربي لا تُظهر له أننا أقوياء، ولن تساعدنا في ردعه آلاف التصريحات التهديدية الصادرة عن وزير الأمن، في لقاءاته مع الجنود الرابضين على الحدود الشمالية.
- لقد كان نصر الله صاحب نظرية بيت العنكبوت التي تقول إنه على الرغم من قوة إسرائيل العسكرية، فإن مجتمعها هو مجتمع رخاء مدلل، ومنهك من الحروب، وقدرته على الصمود ضئيلة جداً. لكن 7 تشرين الأول/أكتوبر، والأشهر الطويلة التي تلته أثبتت العكس، إذ على الرغم من كون المجتمع الإسرائيلي ممزقاً ومجروحاً، فهو مجتمع حازم، ومستعد للعض على نواجذه خلال الحرب، ودفْع الأثمان الباهظة، ويتحلى بالمسؤولية أكثر من زعمائه الذين يُضعفونه.
