تحطُم الطوافة في إيران لن يغير الأيديولوجيا الثورية المعادية للغرب لهذا البلد
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- إن تحطُم الطوافة التي تقل مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى يثير التكهنات، فمن السهل التفكير في أن عملية سرّية ومحدودة قام بها جهاز استخباراتي لدولة ما في الكرة الأرضية هو الذي خرّب الطوافة قبل إقلاعها من أذربيجان، الدولة المجاورة، وإحدى أهم الدول الحليفة لإسرائيل في الشرق الأوسط. وبحسب تقارير أجنبية، فقد استخدمت إسرائيل في الماضي أذربيجان في عمليات سرّية، كسرقة الأرشيف الإيراني في كانون الثاني/ يناير 2018 على سبيل المثال، وهرب العملاء عبر الحدود الطويلة والمتعرجة للدولة الشيعية.
- ومع ذلك، فإن الخفي أكثر من الظاهر في الحادثة التي وقعت عندما كان الضباب الكثيف يغطي الغابات شمال إيران. وعندما أقلعت الطوافة من أذربيجان، كانت الغيوم تبدو قليلة جداً، والرؤية جيدة، ومن الأرجح أن تغييراً شديداً طرأ على حال الطقس، وأدى إلى الحادثة. كما ليس من المستبعَد أن تكون الحادثة بسبب خطأ بشري من طيار الطوافة.
- وليست هذه حادثة الطيران الأولى في الجمهورية الإسلامية؛ ففي كانون الثاني/يناير 2020، وبعد 5 أيام على مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، أقلعت طائرة أوكرانية من طهران في اتجاه كييف، وبعد وقت قصير، تحطمت الطائرة، ومات 176 مسافراً، وطاقم الطائرة الذين كانوا على متنها، ولاحقاً، ظهرت الحقيقة المُرّة؛ إذ أطلقت إيران صاروخ أرض – جو، وأسقطت الطائرة بسبب خطأ في التعرف عليها في ضوء التوترات الكبيرة إزاء الولايات المتحدة في الأيام التي تلت اغتيال سليماني.
- وإلى جانب الرئيس الإيراني الذي كان موجوداً في الطوافة، كان هناك ثلاثة مسؤولين آخرين، منهم وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، وهو من الشخصيات الأكثر أهمية في المحور الموالي لإيران، وذلك؛ أولاً، بسبب وظيفته "الدبلوماسية"، فهو قادر على التحرك بحرّية نسبية بين طهران وبيروت، ونقْل رسائل إلى الأمين العام لحزب الله، وكذلك الأمر في ما يتعلق بسائر الميليشيات الموالية لإيران، كالحوثيين في اليمن، كما يبدو أنه يتمتع بحصانة سياسية. ثانياً، لقد أدى عبد اللهيان، بِحُكْمِ منصبه، دوراً في الاتصالات لتجديد الاتفاق النووي، وكان قادراً على تنسيق المساعي الإيرانية على قناتين: القناة الدبلوماسية والعسكرية (أي تأييد الأذرع الإيرانية).
- وفي طبيعة الأمر، ليست هناك شخصية في نظام الملالي ليس لها بديل، باستثناء ربما المرشد الأعلى، آية الله، علي خامنئي، ومع عمره المتقدم (85 عاماً)، فهو ربما يفارق الحياة قريباً، لكن الأيديولوجيا المعادية للغرب في هذه الدولة ستبقى، وسيبقى الهدف عينه؛ تحقيق الهيمنة الإقليمية على الشرق الأوسط، وتدمير إسرائيل، والعمل على تقويض الأنظمة العربية المحافظة.
- ومن وقت إلى آخر، هناك جدل في إسرائيل بشأن الفصائل المتعددة في القيادة الإيرانية، لكن حتى الذين يُسَمَّوْنَ "البراغماتيين" هم لا يقلّون إصراراً على تحقيق أهداف "الجمهورية". والسؤال المركزي يتعلق بطول الطريق، وليس بالهدف نفسه الذي تهرع إليه إيران، ولا يشمل تأثير الحرس الثوري التنظيم العسكري الذي يضم ما لا يقل عن 150,000 شخص، وميليشيات الباسيج، وهو أيضاً باقٍ ولن يختفي.
- وبناء على ذلك، فإنه من المتوقع استمرار الأمور كالعادة؛ إسرائيل غارقة حتى رقبتها في الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة، وفي الجبهة الشمالية في مواجهة حزب الله، الذي يصعّد عملياته يوماً بعد يوم. وفي هذا الوقت تحديداً، لا يزال الإيرانيون يعملون بأقصى طاقتهم من أجل التوصل إلى سلاح نووي، على الرغم من الأكاذيب التي ينشرونها في كل الاتجاهات. ومع الأسف الشديد، فإنه عندما تسعى الولايات المتحدة لتسوية في الشرق الأوسط، تتجاهل التهديدات التي تشكلها إيران على حلفائها، وهذا لن يتغير في وقت قريب.
- إذا كان هناك سيناريو تتوقع إسرائيل حدوثه على الرغم من إمكانه الضئيل، فهو تقويض الاستقرار الإيراني والتركيز داخلياً على التبديل في السلطة، على خلفية الصراع السياسي على وراثة رئيسي، وإذا حدث هذا، فسيكون له تأثير موقت فقط.