هناك طريقة واحدة فقط للرد على مذكرات الاعتقال في لاهاي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مساء أول أمس، بعد ساعات قليلة على إعلان المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية كريم خان، أنه طلب إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس حكومة إسرائيل ووزير الدفاع كمشتبه فيهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، دخلتُ إلى صفحة بنيامين نتنياهو في موقع "ويكيبيديا" باللغة الإنكليزية. كان يهمني معرفة ماذا سيعرف العالم عن القائد الإسرائيلي في أهم موقع للمعلومات. ولاحظت أن ما كُتب هناك كان "حكومة نتنياهو متهمة بإبادة شعب"، وبعدها كُتب عن طلب إصدار مذكرة الاعتقال ضده "كجزء من التحقيق بشأن فلسطين".
  • نتنياهو كان سيكتب عن نفسه بشكل مختلف طبعاً، ويقول "في أيار/ مايو 2024، كان نتنياهو ضحية هجمة معادية للسامية من جانب المدعي العام"، بالإضافة إلى الهجوم على المحكمة التي تساعد "الإرهاب" و"حماس". لكن هذه الرسائل تُنشر فقط في إسرائيل.  لكن خارج مطار بن غوريون، القصة مختلفة كلياً: هناك بعض "مجرمي الحرب" الذين يتجولون في العالم بحُرية، مثل فلاديمير بوتين وعمر البشير ويحيى السنوار وبنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. هذه ليست القائمة التي أراد نتنياهو أن يكون ضمنها، ولا يوجد أي "هاسباراه" وتهديدات للمحكمة ستساعده على الخروج منها. منذ هذه اللحظة، هكذا سيتذكره العالم.
  • طبعاً، لدى نتنياهو دعم واسع حصل عليه من 106 أعضاء كنيست، وحتى من خصمه الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لا يريد أن يبدو شريكاً في هذه الجرائم مع القيادات الإسرائيلية. محكمة الجنايات الدولية في لاهاي متخصصة بمحاكمة المجرمين، وليس الدول، ونتنياهو يحاول الادعاء أن دولة إسرائيل برمتها متهمة، وليس هو وغالانت فقط، بل كل مَن يدعم "بيبي" ومَن يقف ضد "بيبي" أيضاً.
  • حالياً، قال القانوني المقرب من نتنياهو، البروفيسور يوفال الباشان، ما يدلل على أن خط نتنياهو سيكون كالتالي: إلقاء المسؤولية على قيادات الجيش، كما فعل خلال التهرب من المسؤولية عن هجوم "حماس" على إسرائيل و"المذبحة" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. ففي مقالة كتبها في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تساءل الباشان "كيف يمكن اتهام قيادات الدولة بجرائم حرب في الوقت الذي تكون قيادات الجيش، الذراع التنفيذية، غير متهمة - وهذا بعكس "حماس". لدى الباشان إجابة عن ذلك: "لا علاقة لهذا بالعدالة، إنما بالعلاقات بنخب السلاح والأمن في واشنطن"، بحسب قوله. سيكون نتنياهو، في نظر داعميه، دائماً ضحية النخب التي رتبت هذه المرة مذكرة اعتقال لمحمد الضيف، وتجاهلت هرتسي هليفي.
  • يبدو من بنود الاتهام، التي تم تفصيلها في طلب المذكرة، أن إسرائيل فشلت كلياً في الحرب على غزة. فإذا كانت فعلاً جريمتها، كما يقول المدعي - تجويع المجتمع الغزّي عمداً، وقتل مدنيين قصداً- فإنها حتى بالطرق الأكثر تطرفاً التي تصل إلى حدّ جرائم ضد الإنسانية لم تنجح في الانتصار على "حماس"، يوجد هنا شيء غريب جداً، وجميع تصريحات الحكومة والجيش بشأن أهداف الحرب وطرق العمل كانت مجموعة من الأكاذيب التي غطت على حملة انتقام وحشية وعديمة الجدوى.
  • هناك طريقة واحدة فعالة للتعامل مع مذكرة الاعتقال التي طلبها كريم خان: بدلاً من الصراخ بعبارات، مثل "معاداة السامية" و"النازيون"، يجب فحص ادعاءاته بشكل موضوعي. ويجب إقامة لجنة تحقيق مؤسساتية تفحص ما إذا كان تجويع السكان في غزة مقصوداً، وما إذا كان الجيش استهدف مدنيين وقتل فلسطينيين قصداً. يمكن أن يكون أعضاء هذه اللجنة قضاة وضباطاً سابقين. هكذا فقط يمكن أن تطبّق إسرائيل "مبدأ التكامل"، وتجعل تحقيق المحكمة الدولية ومذكرات الاعتقال غير ضروريّين، وأيضاً تمنح المجتمع الإسرائيلي إجابة عن أكثر الأسئلة المقلقة: هل يقود دولة إسرائيل مرتكب جرائم ضد الإنسانية؟
 

المزيد ضمن العدد