السنوار يضحك متفرجاً: "حماس" تنجح في تضليل إسرائيل والولايات المتحدة
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- تتخوف إدارة بايدن كثيراً من استقالة بني غانتس وغادي أيزنكوت من الحكومة. لقد كانت تعتبرهما ثقلاً موازياً للعناصر المتطرفة في الائتلاف، بن غفير وسموتريتش، اللذان يؤيدان الحسم العسكري مع "حماس"، ويعارضان صفقة إطلاق مخطوفين، ويريدان تهجير الغزيين مجدداً والاستيطان في غزة.
- استقالة غانتس أزالت السترة السياسية الواقية عن نتنياهو، وإسرائيل يمكن أن تدفع ثمناً باهظاً جرّاء خسارتها. تهدف زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الحالية لإسرائيل والمنطقة، من بين أمور أُخرى، إلى فحص ما الذي يريد نتنياهو فعله بعد استقالة غانتس من حكومته.
- ويمكن أن نرى بعض المؤشرات إلى تغييرات محتملة في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية نتيجة استقالة غانتس، في خطوات دبلوماسية استفزازية تشمل زيارة بلينكن لإسرائيل والمنطقة والقرار الذي مرّرته الولايات المتحدة في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، واحتمال أن تجري الولايات المتحدة مفاوضات مباشرة مع "حماس" بشأن إطلاق الأسرى الخمسة من المدنيين الأميركيين المحتجزين لديها، إذا تعثرت صفقة المخطوفين، وكذلك السعي للتوصل إلى اتفاق أمني مع السعودية من دون إسرائيل.
- هذه المرة، يزور بلينكن إسرائيل والأردن وقطر. وأعلن أنه سيركز على الحاجة إلى الضغط على "حماس" لكي تقبل المقترح الإسرائيلي الأخير بشأن إطلاق المخطوفين. وقال لزعماء المنطقة: "إذا أردتم وقف إطلاق النار، اضغطوا على ’حماس’ لكي توافق على المقترح. ’حماس’ هي العقبة الوحيدة أمام الصفقة. إذا أردتم التخفيف من معاناة الفلسطينيين في غزة، اضغطوا على ’حماس’ لكي تقول نعم، وإذا أردتم تحرير كل المخطوفين وإعادتهم إلى منازلهم، اضغطوا على ’حماس’ لكي تقول نعم".
- تعتقد إدارة بايدن أن الوسطاء المصريين والقطريين لا يضغطون بصورة كافية على "حماس"، وفي تقديرها أيضاً، أن العملية العسكرية الناجحة لتحرير المخطوفين ستضغط على "حماس" لكي تقبل المخطط الأميركي - الإسرائيلي. وعلى ما يبدو، فإن إدارة بايدن هي التي ساعدت إسرائيل في "عملية أرنون" استخباراتياً، كجزء من تعهداتها بشأن المساعدة على تحديد مكان المخطوفين وإطلاق سراحهم.
- في المقابل، قدمت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن اقتراح قرار يدعو إلى إعادة المخطوفين ووقف إطلاق نار دائم. وافق المجلس بالإجماع تقريباً، 14 دولة صوتت مع القرار، ودولة وحيدة امتنعت، هي روسيا. النسخة الأصلية تدعو "حماس" إلى قبول المقترح الذي يبدو أن إسرائيل وافقت عليه. ويدعو قرار مجلس الأمن الطرفين إلى "تنفيذ القرار من دون شروط، أو تأجيل".
- لقد أصبح وضع إسرائيل في معادلة واحدة مع "حماس" أمراً شائعاً في قرارات الأمم المتحدة، لكنه أمر غير أخلاقي ومعيب وخاطىء. وتضمّن القرار بنداً يمنع إجراء تغييرات ديموغرافية وإقليمية في غزة. وهذا البند يتطرق مباشرة إلى الخطة المعلنة لكلّ من بن غفير وسموتريتش، التي تسببت بضرر كبير للساحة السياسية الإسرائيلية، ولا سيما الاستعدادات الأمنية الجديدة في غزة، ونية إسرائيل إقامة منطقة أمنية على الحدود.
- ليس من الواضح ما إذا كان هذا يُعتبر "تغييراً إقليمياً"، لأن المقصود ليس الضم، لكن في الماضي، عارضت إدارة بايدن مثل هذه المنطقة الأمنية لأنها اعتقدت أنها نوع من ضمّ أراض في غزة كأمر واقع. لم يكن هناك أيّ مبرر لتوجّه إدارة بايدن إلى مجلس الأمن، هذه المنظمة "الفاسدة والعفنة"، والتي لم تُصدر حتى اليوم إدانة لـ"مذبحة حماس" في "غلاف غزة"، وأجبرت الولايات المتحدة على استخدام الفيتو 3 مرات ضد قرارات أحادية الجانب، تدين إسرائيل فقط.
- المحاكم الدولية التابعة للأمم المتحدة في لاهاي تتخذ قرارات ضد إسرائيل، وإدارة بايدن نفسها قالت إنها قرارات لا أساس لها من الصحة؛ الأمين العام للأمم المتحدة، "الأكثر فشلاً" في تاريخ المنظمة، قرر مؤخراً وضع إسرائيل على القائمة السوداء للدول التي تؤذي الأطفال.
- القرار الذي اتخذه مجلس الأمن مخطىء أيضاً في الرسائل التي تضمّنها. من الناحية العملية، هذه الرسائل موجهة إلى إسرائيل أكثر مما هي موجهة إلى "حماس"، ويمكن أن تؤذي ترتيبات أمنية مستقبلية. وليس من المستغرب أن تسارع "حماس" إلى الثناء على القرار، بينما وصفته إسرائيل بـ"الإشكالي" وادّعت أنه انطوى على مكونات خرجت عن المقترح الإسرائيلي الأصلي الذي نُقل إلى إدارة بايدن.
- أيضاً التسريبات التي تفيد بأنه إذا فشلت المفاوضات بشأن إطلاق المخطوفين، فإن إدارة بايدن تفكر في إجراء محادثات منفصلة مع "حماس" بشأن إطلاق سراح مواطنين أميركيين هي مؤذية. وبدلاً من زيادة الضغط على "حماس"، فهي تساهم في تخفيفه، وتزيد في التشدد ورفض الصفقة، أو المطالبة بتنازلات إضافية من إسرائيل. "حماس" تريد دقّ إسفين ما بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، لقد منحتها إسرائيل بيديها أداة جيدة لتحقيق هذا الهدف. يمكن أن يبدو مثل هذه الخطوة المنفردة كخيانة لسائر المخطوفين.
- قبل أقل من 5 أشهر على الانتخابات الرئاسية، إن كل ما تفعله إدارة بايدن يمكن أن يُفحص وفق مساهمته في فوزه في المعركة الانتخابية ضد ترامب. ليس لدى بايدن نجاحات في السياسة الخارجية والأمن، وهو متورط في الحرب الأوكرانية، وفي محاولات منع الصين من مهاجمة تايوان، ومنع كوريا الشمالية من مهاجمة كوريا الجنوبية.
- الحرب في غزة وخطر توسُّعها ضد حزب الله شغلا بايدن بصورة كبيرة. لذلك، هو يضغط للتوصل إلى صفقة شاملة لتحرير المخطوفين، ووقف إطلاق النار يمكن أن يصمد، على الأقل، حتى 5 تشرين الثاني/نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية. كما أن التوصل إلى اتفاق أمني مع السعودية يشمل إسرائيل سيبدو للناخبين كإنجاز سياسي ودبلوماسي مهم.
- المشكلة هي أن اعتبارات ائتلافية ضيقة تجعل نتنياهو غير مستعد لدفع الثمن المطلوب من أجل التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية وبناء جبهة إقليمية ضد إيران. من المحتمل أن يتوصل بايدن إلى اتفاق مع السعودية من دون إسرائيل. اليد اليمنى لإدارة بايدن تفعل عكس اليد اليسرى وتخرّب تحقيق أهداف سياسية.
- من جهة أُخرى، تتخوف إدارة بايدن من أن تشكل استقالة غانتس، وكذلك الضغط على نتنياهو من بن غفير وسموتريتش، اللذين يعارضان الصفقة، عذراً للانسحاب منها، على الرغم من موافقته وموافقة "كابينيت الحرب" أيضاً عليها. تحاول الدبلوماسية الأميركية ابتزاز نتنياهو بصورة ذكية، لكن من الواضح أن المفتاح موجود لدى "حماس" التي تنجح في خداع الجميع.