إنها اللحظة الحاسمة في مواجهة طهران؛ يتعين على إسرائيل التفكير في استخدام سلاح غير تقليدي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • "فزّاعة"، هكذا وصف الوزير إيتمار بن غفير ردّ إسرائيل على الهجوم الإيراني عليها بالصواريخ في 13 نيسان/أبريل. بعد الهجوم، تحدثت تقارير عن أن إسرائيل دمرت منشأة رادار معزولة وصغيرة، غير بعيدة عن منشأة نتانز، حيث تنتج إيران اليورانيوم المخصّب. للأسف الشديد، بن غفير كان على حق (على الرغم من كونه شخصاً كريهاً وخطِراً).
  • لقد تخوفت حكومة إسرائيل، أو بالأحرى نتنياهو، من أن يؤدي القيام بردّ أقوى (وشامل)، مثل الهجوم على منشأة نتانز نفسها، إلى ردّ أكبر من إيران، كإطلاق كثيف لصواريخ حزب الله، أو صواريخ من إيران نفسها، ضد مدن إسرائيل ومنشآت تحتية مهمة.
  • في يوم من الأيام، سيكون من الممكن الاطلاع على محاضر جلسات "كابينيت الحرب" المصغر. حينها، سنعرف ما إذا كان الجنرالات الذين كانوا حاضرين في القاعة، وزير الدفاع غالانت وأيزنكوت وغانتس ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، قد اقترحوا توجيه ضربة قوية، وهل أقنع نتنياهو المشاركين في الجلسة بضربة "فزاعة".
  • خلال عشر سنوات ونصف السنة، اعتاد نتنياهو تحمُّل هجمات إيران على إسرائيل مباشرةً، أو من خلال أذرعها. والأسوأ من ذلك، وبعيداً عن التصريحات الهجومية، فإن نتنياهو لم يفعل ما كان مطلوباً منه، أي منع إيران من الحصول على قنبلة نووية، على الرغم من إعلان القادة الإيرانيين، ليلاً ونهاراً، نيتهم تدمير إسرائيل. هل امتناع إسرائيل من القيام بذلك خلال الفترة 2010-2012، ولاحقاً، ناجم عن ضُعف قدراتها؟ أم أن هذا الشخص الخبيث لديه دوافع أُخرى؟ لا يمكن معرفة ذلك.
  • في أي حال، حانت لحظة الحقيقة الآن، والمطلوب اتخاذ قرار. لحظة الحقيقة هي أن مجموعة من الأخبار تتحدث عن أن إيران على وشك الوصول إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، وراكمت ما يكفي من المواد لإنتاج مخزون من القنابل. هجمات إيران وأذرعها وحلفائها: "حماس"؛ الحوثيون؛ حزب الله؛ الميليشيات المحلية في سورية والعراق، على إسرائيل منذ 8 أشهر، تشكل سبباً كافياً لكي نمحو قدراتها الاستراتيجية التي تتضمن قدرات باليستية عن وجه الأرض. سيتفهم العالم مثل هذا الهجوم، ولا يهمّ ما ستقوله الأمم المتحدة.  إن بقاء إسرائيل هو أكثر أهميةً، بالنسبة إلى سكان هذا البلد، من التنديد الدولي، وحتى من العقوبات، إذا فُرضت.
  • ما من وقت أفضل من الآن لتوجيه ضربة استراتيجية ضد إيران، بفضل ميزان القوى غير المتكافىء بينها وبين إسرائيل. تتفوق إسرائيل على إيران بصورة كبيرة، بفضل طائرات الشبح أف - 35، وطائرات أف - 15 (بينما لدى إيران مخزون من الطائرات القديمة والمنخفضة النوعية)، وكذلك تتفوق عليها في قدراتها على اعتراض الطائرات والصواريخ. بعد عدة سنوات، يمكن أن يتبدد هذا التفوق الإسرائيلي.
  • كما لدى إسرائيل ميزة أُخرى مهمة جداً: امتلاكها السلاح النووي (استناداً إلى مصادر أجنبية)، بينما لا تزال إيران تتطلع إلى الحصول على مثل هذا السلاح حالياً. طبعاً، إيران تأخذ في حسابها عدم التكافؤ هذا عندما تفكر في ضربة، رداً على هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية وبناها التحتية.
  • هل في إمكان إسرائيل تدمير، أو على الأقل أن تضرب بشدة، بواسطة سلاح تقليدي، البنى التحتية لإنتاج الصواريخ والمسيّرات والقذائف الإيرانية والمنشآت النووية الموزعة على مساحة واسعة جداً، والبعض منها موجود تحت الأرض؟ لا أعرف، ومن المحتمل أن الجنود الإسرائيليين لا يعرفون أيضاً. لكن تدمير البرنامج النووي الإيراني هو واجب وجودي. إذا حصلت إيران على سلاح نووي، والقدرة على إطلاقه على إسرائيل، فمعنى هذا ضياع المشروع الصهيوني.
  • يمكن أن تستخدم إيران هذا السلاح، وتأمل بالنجاة من ضربة إسرائيلية بمساعدة الله. وحتى إذا لم تستخدم السلاح النووي، فإن امتلاكها مثل هذا السلاح، فضلاً عن نيتها المعلنة تدمير دولة إسرائيل، سيؤديان إلى هرب كل مستثمر محتمل، وسيدفعان بكثيرين من أبناء هذا البلد الطيبين إلى الهرب من البلد. بهذه الطريقة، ستتلاشى إسرائيل على وقع ضربات متكررة، يقوم بها الإيرانيون ضدنا، على غرار 7 أكتوبر. وإزاء مشهد ضُعف الدولة اليهودية، ستشارك في هذه الهجمات تنظيمات أُخرى، وربما دول سنّية مجاورة، وليس من المؤكد أن يهب لمساعدتنا زعماء أوروبا والولايات المتحدة، وقريباً، ربما ترامب.
  • كل هذا يطرح الاحتمال الأسوأ، ربما الأسوأ من أيّ شيء آخر: لا تستطيع إسرائيل بقدراتها التقليدية القضاء على البرنامج النووي الإيراني، لذلك، يتعين عليها استخدام قدراتها غير التقليدية من أجل هذا الهدف. ومرة أُخرى، ستستنفر وسائل الإعلام الدولية والجامعات وزعماء العالم، لكن هناك العديد من الناس الذين سيتفهموننا ويدعموننا. لقد وصلنا إلى ساعة القرار، وعلى زعمائنا أن يقرروا ويعملوا، وإلّا، الله يستر.

 

 

المزيد ضمن العدد