تجنيد الحريديم ولغم سموتريتش
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • أعضاء "حكومة اليمين بالكامل" زرعوا في داخلها آلية تدمير ذاتي: التناوب بين "الصهيونية الدينية" وحزب "شاس" في منتصف الولاية. فمن المفترض أن يغادر بتسلئيل سموتريتش وزارة المال بعد نصف عام، وأن ينتقل إلى وزارة الداخلية. وبحسب الاتفاقات الائتلافية، سيحلّ محله موشيه أربيل، أو أريئيل بوسو، لكن من الواضح أنه إذا جرت عملية التناوب، فإن المسيطِر الفعلي على وزارة المال سيكون آرييه درعي، الذي يُحظَر تعيينه وزيراً. وبدلاً من العنصري من شبان التلال [سموتريتش]، سنحصل على درعي مقنعاً.
  • إذا افترضنا أن هذه الحكومة ستصمد حتى يحين موعد الدورة الشتوية للكنيست، فإن سموتريتش سيواجه معضلة. إذا غادر وزارة المال كما تعهّد، فسيخسر أغلبية قوته ونفوذه. صحيح أنه يستطيع دعم المستوطنين والتنكيل بالعرب من خلال وزارة الداخلية، لكن هذا ليس سوى جائزة ترضية، مقارنةً بمطبعة الأموال الهائلة في وزارة المال. وإذا رفض عملية التناوب، فستسقط الحكومة، وسيُتّهم سموتريتش بأنه هو الذي دمّر انقلاب اليمين، لكنه سيستمر في تولّي منصبه كوزير للمال في الحكومة الانتقالية، ويتخلص من خطر استبداله، أو إقالته، ومع ميزانيات كبيرة لتوزيعها في حملته الانتخابية.
  • هذه الاعتبارات كانت معروفة لدى الائتلاف، قبل بدء هذه الحكومة المريعة عملها، وقبل محاولة الانقلاب الدستوري، و"مذبحة" 7 أكتوبر، والحرب التي لم تنتهِ منذ ذلك الوقت. لقد فضّل نتنياهو وشركاؤه السير إلى الأمام وجرجرة المشكلة معهم. الارتباط الأيديولوجي والصراع المشترك ضد "النخب"، جعلا كتل الائتلاف أكثر التصاقاً، وازداد هذا الالتصاق بسبب المسؤولية المشتركة لهذه الكتل عن الكارثة ورغبتها في تحميل قادة الجيش هذا الملف...
  • عندها تعرّض الائتلاف لضربة تجنيد الحريديم. عندما أُلِّفت الحكومة، كانت فرضية العمل هي أن التجنيد مشكلة وهمية. لا يريد الحريديم الخدمة في الجيش، ولم يكن الجيش متحمساً لتجنيدهم، وكل ما كان مطلوباً صوغ قانون يسمح باستمرار الوضع القائم، على الرغم من قرارات المحكمة العليا. لكن القتال المستمر في غزة، وفي الشمال، وآلاف القتلى والمعاقين والجرحى، ومئات الآلاف من الاحتياطيين الذين جرى استدعاؤهم إلى الجبهة، استعداداً لحرب واسعة النطاق ضد حزب الله وإيران، أمور كلها غيّرت سلّم الأولويات العسكرية. اليوم، يريد الجيش الشبان الحريديم بين صفوفه بالزي العسكري والسلاح، وليس في المدارس الدينية.
  • هذا الواقع لا يملك نتنياهو جواباً عنه. فهو غير قادر على تبرير التهرب الحريدي من الخدمة في وقت تدور حرب وجودية، كما لا يمكن أن يدّعي أن تعلُّم التوراة أهم من الخدمة القتالية. حتى إنه لا يحاول ذلك. رده على قرار المحكمة العليا، الذي وحّد القضاة الليبراليين والمتدينين حول رفض التسوية التي اقترحها الحريديم، ركّز على الإجراءات. مثلاً، لماذا لم ينتظر القضاة، بينما كنا على وشك سنّ قانون، وبحسب الناطقين بلسان نتنياهو، إن القضاة يريدون إطاحته. الهدف من هذه الحجج تعبئة المؤيدين له الذين يكرهون النخب والمحكمة العليا. لكن ماذا يمكن أن يقول نتنياهو لطائفة المتدينين [القوميين] الذين يخدمون في الجيش، والذين يقدسّون الخدمة العسكرية، ويُقتل أبناؤهم في الحرب، بينما الحريديم لا يفعلون ذلك؟ إن الحجة القائلة إن الحريديم هم ضمانة بقاء حكومة اليمين، وأن تهرُّبهم من الخدمة ثمن معقول من أجل استمرار الائتلاف هي حجة ضعيفة ومحاولة للتمييز بين دم ودم.
  • وكل هذا يشكل فرصة لسموتريتش من أجل رفض المناوبة، والتحصّن في وزارة المال، لا لأسباب سياسية، بل بذريعة الدفاع عن مبدأ تجنيد الجميع. وبذلك يحافظ على قوته، ويرفع لواء أيديولوجيا مقبولة من الجمهور، ويلمّح إلى أنه شريك مستقبلي في حكومة يمين من دون نتنياهو. وهكذا، سينفجر اللغم الذي زُرع لدى تأليف الحكومة، وهذا هو التهديد الكبير لنتنياهو.

 

 

المزيد ضمن العدد