لا يوجد لدى القيادة أيّ إجابات لسكان الشمال، والإغراء يزداد في الحكومة بالقيام بخطوة عسكرية واسعة النطاق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تنتشر الإشاعات بشأن حرب شاملة في لبنان قريباً في وسط الجمهور الإسرائيلي، من دون أن يكون لها، بالضرورة، علاقة بالتطورات الميدانية. أمس الأحد، قُتل أربعة مقاتلين من حزب الله بضربة إسرائيلية. وفي الوقت نفسه، تم إطلاق مسيّرات هجومية وقذائف من لبنان، وأصيب 18 جندياً جرّاء سقوط مسيّرة في الجولان - إصابة أحدهم بالغة. وعلى الرغم من ذلك، فإن تبادُل إطلاق النار بين الجيش وحزب الله ما زال بوتيرة أقل مما كانت عليه خلال الأشهر السابقة، لكن هذا لا يبدد المخاوف، لا في لبنان، ولا في إسرائيل.
  • إن غياب حل سياسي للمواجهة، التي بدأت بإطلاق حزب الله النار بعد يوم على "المذبحة" التي نفّذتها "حماس" في الغلاف خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، والتهديدات المتبادلة بين الطرفين، وعدم القدرة على الفصل ما بين لبنان والقطاع، أمور كلها تعزز المخاوف من اندلاع الحرب. لذلك، تنتشر الإشاعات ونظريات التخويف بسرعة.
  • لا يساهم بعض تصريحات الوزراء في تهدئة الأوضاع. عضو "الكابينيت" ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش رسم أمس شكل المعركة الإقليمية المتوقعة. الاستراتيجي المعروف يطرح "تفكيك النظام في إيران، وإبادة حزب الله بشكل كامل، وحرب شديدة الحدة وسريعة ضد حزب الله"، تُخرج التنظيم الشيعي من اللعبة. وفي هذا السياق، كان من الأفضل للوزير الاهتمام بشؤون وزارته، وبصورة خاصة بعد تحذيرات الاقتصاديين الكبار من كارثة متوقعة للاقتصاد الإسرائيلي. الخطة التي يطرحها سموتريتش تطرح سؤالاً مطلوباً: مع أيّ جيش؟
  • ولأن سموتريتش يتفاخر، طوال الوقت، بالعدد الكبير من القتلى الجنود في أوساط ناخبيه - فبحسب الاستطلاعات، هناك جزء منهم بدأ يفقد صبره، وسيكون من الجيد أن يسأل ناخبيه ببساطة: ما هي درجة الاستنزاف داخل الوحدات النظامية التي تقاتل "حماس" منذ 8 أشهر؟ بمَ يشعر جندي الاحتياط الذي يتم استدعاؤه إلى الخدمة للمرة الثالثة، ويترك خلفة عائلة تشتاق إليه، وأعمالاً باتت متقطعة، أو سنة أكاديمية؟ ما هو حجم الأسلحة الدقيقة التي يملكها سلاح الجو بعد قرار بايدن بشأن تأخير إرسال نحو 3500 قذيفة ثقيلة؟ وما هي العلاجات التي يجب القيام بها للدبابات والمدرعات، بعد هذا العدد الكبير من ساعات العمل؟
  • وعليه أيضاً أن يسأل عمَّن هم العسكريون الذين يقدّرون أن تحركاً سريعاً وشديد الحدة سيحسم المعركة مع حزب الله؟  ما هو عدد جنود الاحتياط الذين يجب تجنيدهم من أجل بناء حُكم عسكري يدعو إليه الوزير في قطاع غزة؟ ما هي درجة جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية للتعامل مع إطلاق نار يومي يصل إلى آلاف الصواريخ والمسيّرات والقذائف من لبنان، وكما يبدو، سيكون هناك مساعدة مباشرة من إيران والميليشيات التي تفعّلها في العراق وسورية واليمن؟
  • وهذا كله من دون الحديث عن قضايا استراتيجية مهملة، كدعم الولايات المتحدة وردّ المجتمع الدولي في حال بادرت إسرائيل إلى هجوم منسّق على المواقع النووية الإيرانية، وعلى قوات حزب الله في الجنوب اللبناني.
  • لا يجب إلغاء إمكان أن تجد إسرائيل نفسها مرغمة، وعليها التعامل مع عدة أعداء في حرب متعددة الجبهات. لكن يبدو أن سموتريتش يدمج هنا ما بين أوهام تصل إلى حد الوعود الإلهية، إلى جانب خطة طويلة المدى لخنق السلطة الفلسطينية اقتصادياً، ودفعها إلى الانهيار في الضفة الغربية (فكرة تحفّظ عنها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سابقاً). من الصعب التقدير ما إذا كانت أقوال وزير المالية، أمس، في مؤتمر صحيفة "مكور ريشون"، تعكس ضيق نظر استراتيجي، أو أن هناك أكثر من طرف يعتقد أن سيناريو حرب "يأجوج ومأجوج" إقليمية هو ما سيدفع قدماً بتحقيق أهدافه.
  • حتى فيما يتعلق بالشأن اللبناني أيضاً، فإن نتنياهو، وبشكل خاص وزير الدفاع يوآف غالانت، يصرّحان مؤخراً بالحاجة إلى التوصل إلى ترتيبات سياسية أولاً، بوساطة أميركية، قبل الخروج في معركة شاملة ضد حزب الله. ولا يزال الإقليم ينتظر عاموس هوكشتاين المبعوث الخاص للرئيس جو بايدن، والذي سيصل قريباً لإجراء جولة محادثات بين بيروت والقدس.
  • وفي الخلفية، لا يزال هناك خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي بعد 3 أسابيع، ومن المتوقع أن يكون في يوم 24 تموز/يوليو. ويطرح الإسرائيليون في محادثاتهم مع الأميركيين إمكان أن يبدأ الجيش بخطوة هجومية على لبنان، على أمل أن يسيطر حزب الله على نفسه، ويوافق على ترتيبات تُبعد قواته إلى شمال نهر الليطاني. الأميركيون يشكّون في ذلك: يعتقدون أنه لا توجد محطات موقتة، يكون السقف فيها أقل من المواجهة الشاملة - وأن عملية محدودة يشنها الجيش، سيتم الرد عليها بسرعة بتصعيد من حزب الله، ومن هنا، فإن الطريق إلى حرب شاملة ستكون قصيرة.
  • الصعوبة الأساسية التي تواجهها الحكومة تتعلق بتوقعات الجمهور، إذ نزح نحو 60 ألفاً من سكان الحدود الشمالية من بيوتهم بأوامر من الحكومة والجيش يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر. الآن، لا يوجد تاريخ محدد لعودتهم. الانتقادات المتصاعدة بسبب الفشل الاستراتيجي المستمر تتصاعد. وتُسمع من سكان الشمال والإعلام والمعارضة.
  • ردود المتحدثين باسم الحكومة غير مقنعة. وكلما استمر الواقع الحالي من دون حل، كلما أصبح الإغراء أكبر للحكومة والجيش بمحاولة تغيير الواقع، عبر عملية عسكرية واسعة، على الرغم من المخاطر المعروفة.
 

المزيد ضمن العدد