فرصة لترجمة الإنجازات العسكرية في مواجهة حزب الله إلى تغيير استراتيجي
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • إن رفع درجة تبادُل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، بعد اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى في الحزب، والردود غير المسبوقة، لكن المدروسة نسبياً، من طرف الحزب، والتي جاءت في أعقاب ذلك، تكشف تمسُّك حزب الله بالاستراتيجيا التي اختارها: حرب استنزاف على عتبة الحرب، وبذل الجهد من أجل إنشاء معادلة رد واضحة حيال إسرائيل.
  • مع ذلك، فإن سمات العمليات الحالية والرد عليها في الميدان يوضحان أن الجيش الإسرائيلي هو الذي يفرض حجم وقوة الحرب في مواجهة حزب الله. على الرغم من خطابات نصر الله  بشأن استعداد الحزب لاحتمال نشوب حرب، فإن الحزب يبدو متأنياً وحذراً في سياسة الرد من التدهور إلى تخوف من اندلاع حرب واسعة النطاق، لا يرغب فيها الحزب في هذه المرحلة. حتى بعد اغتيال مسؤوله الرفيع المستوى (قائد القطاع الغربي في الجنوب اللبناني، أبو نعمة، في 3 تموز/يوليو، والذي توازي رتبته رتبة عميد في الجيش الإسرائيلي)، والاغتيال الأخير (6 تموز/يوليو) لقائد مهم في منظومة الدفاع الجوي في الحزب في عمق الأراضي اللبنانية (على بُعد 100 كلم عن الحدود).
  • وعلى سبيل المثال، تراجعت حدة هجمات الحزب في الأسبوع الذي سبق اغتيال أبو نعمة، كما تراجع أسلوب الهجمات بعد الاغتيال (إطلاق مئات  الصواريخ والمسيّرات في 3 و4 تموز/يوليو، الذي تراجع كثيراً في 5 تموز/ يوليو)، وهو ما يدل على أنه على الرغم من الرغبة في الرد بحجم غير مسبوق من أجل المحافظة على معادلة الرد، فإن الحزب امتنع من مهاجمة أهداف جديدة وبعيدة أكثر، كما فعل حتى الآن. وفي الرد على الاغتيال الذي وقع  في 6 تموز/يوليو في عمق الأراضي اللبنانية، اختار الحزب رداً ملائماً ومحدوداً، لكن في عمق الأراضي الإسرائيلية ( في الجليل الأدنى، في منطقة طبرية والبحيرة).
  • بالإضافة إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على وتيرة القتال والهجمات، ولدى النظر إلى ميزان نتائج الحرب حتى الآن، من الواضح أن كفة الجيش الإسرائيلي هي الراجحة. لقد تلقى حزب الله ضربات قاسية ألحقت ضرراً، سواء بقدراته، أو بصفوف قيادته المركزية، بالإضافة إلى الضرر الكبير الذي لحِق بالقرى في الجنوب اللبناني، والذي يزيد في معارضة المواطنين  في لبنان لمشاركة حزب الله في الحرب من أجل "حماس" وخدمةً لإيران، وتعريض لبنان للنتائج المدمرة لحرب واسعة.
  • لكن على الرغم من الإنجازات الاستخباراتية والعملانية المذهلة للجيش في القتال، فإن إصرار حزب الله على مواصلة القتال في الشمال وربط نهايته بموافقة إسرائيلية على وقف إطلاق النار في غزة، يخلق معضلة لإسرائيل على المستوى الاستراتيجي، نظراً إلى صعوبة التوصل إلى وقف إطلاق نار مستمر وإحداث تغيير في الوضع الأمني، يسمح بعودة نازحي الشمال إلى منازلهم. لقد ظهر الأمل بحل "المأزق" الاستراتيجي في الشمال بعد التحول في موقف "حماس" فيما يتعلق بصفقة المخطوفين، واحتمال أن يؤدي الدفع بها قدماً إلى وقف إطلاق نار موقت في غزة. وإذا صحّت التقارير التي تحدثت عن تأييد نصر الله للموقف الجديد لـ"حماس"، فإن هذا يعبّر عن رغبة حزب الله في استغلال الهدنة في غزة، ولاحقاً، تحقيق صفقة المخطوفين، من أجل وقف القتال في الشمال. ومثلُ هذه التطورات يعزز التوصية لإسرائيل بأن تؤجل، حتى الآن، خططها بشأن توسيع الحرب في الشمال، وإعطاء الأولوية للدفع قدماً بالصفقة مع "حماس"، والتي يمكن أن تشكل أيضاً فرصة للتوصل إلى حلّ مقابل في الشمال.

 

 

المزيد ضمن العدد