منذ 10 أشهر نتابع ما يجري في سديه تيمان، والتعذيب مدعوم من الأعلى
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بعد أسابيع قليلة على بدء الحرب، بدأت تصل تقارير وإشاعات بشأن ما يحدث في منشأة سديه تيمان، حيث نُقل آلاف المعتقلين من غزة بعد اعتقالهم بصورة جماعية خلال العمليات العسكرية في القطاع، وكل شيء كان مشوشاً، وواجهنا صعوبة في التحقق من حقيقة الأمر، لكن منذ ذلك الحين، كان واضحاً أن شيئاً سيئاً للغاية يجري في المنشأة. كما كانت هناك صعوبة مزدوجة في إنشاء اهتمام عام بالموضوع، والأهم من ذلك المطالبة بأنه حتى عندما يكون الدم يغلي والوضع من حولنا صعب التحمل، فإنه يجب علينا المحافظة على الجانب الإنساني؛ فلا يمكن لدولة إسرائيل "الانحدار إلى المستوى الأخلاقي لـ’حماس‘ في العلاقة مع الأشخاص الذين في قبضتها وتحت سيطرتها المطلقة."
  • شيئاً فشيئاً، بدأت الصورة تتضح، ومعها حجم الفظاعات؛ فقد اتضح أن سديه تيمان هي منشأة تعذيب مريعة تجري فيها أبشع أعمال التعذيب التي عرفناها، والشهادات التي بدأت تصل من أشخاص يعملون في المنشأة، أو من هؤلاء الذين أُطلق سراحهم منها، كانت إشكالية؛ منها أوضاع اعتقال غير إنسانية، وأعمال تعذيب حقيقية، بينها اعتداءات جنسية، ومنع المعتقلين من النوم، وأصوات موسيقى عالية للغاية لوقت طويل، وعنف جسدي قاسٍ، وغير ذلك. وليس عبثاً تسمية سديه تيمان "غوانتانامو الإسرائيلي".
  • لقد نُقل 4000 معتقل إلى إسرائيل منذ الغزو البري لغزة؛ أكثر من 40% منهم أُطلق سراحهم وعادوا إلى القطاع، ومعنى ذلك أنهم لم يكونوا قط من المقاتلين في "حماس"، ومن هنا فإن بقاءهم في المعتقل، والتعذيب الذي تعرضوا له كان من دون أي مبرر أمني، وبالتالي، فإنه لا يوجد أي مبرر أمني للتعذيب السادي المتهم به الجنود الذين هم اليوم قيد التحقيق.
  • لقد خضنا مع منظمات أُخرى نضالاً قانونياً وعاماً في كل الساحات من أجل أن نطرح على جدول الأعمال ما يجري في منشأة سديه تيمان وفي منشآت اعتقال أُخرى، وحققنا إنجازات بشأن يتعلق بالوصول إلى المعتقلين ووضعهم القانوني وأوضاع حياتهم. وعلى الرغم من التصريحات، فإنه لم يجرِ إغلاق هذه المنشأة، لكن العمل فيها تقلص، وجرى إطلاق جزء من المعتقلين أو نقلهم إلى منشآت اعتقال أُخرى، تتسرب منها أيضاً تقارير مرعبة عن العلاقة الوحشية وغير الإنسانية والمهينة.
  • إن الحادثة غير المسبوقة التي حضر فيها عناصر من الشرطة العسكرية لاعتقال جنود متورطين في أفعال اعتداءات جنسية ضد أحد المعتقلين وجرت مواجهتها بمقاومة عنيفة من جانب هؤلاء الجنود تثبت ما قلناه منذ بداية الحرب؛ إن سديه تيمان تُدار كمنطقة مستقلة، والذين يخدمون فيها يطبقون قانونهم الخاص، سواء في أفعالهم أم في علاقتهم بالمعتقلين، والآن إزاء الجهات العسكرية لإنفاذ القانون.
  • إن تجنُّد إيتمار بن غفير وأنصار "قوة يهودية" من أجل الدفاع عن المتهمين، وكذلك إعلان رئيس لجنة الأمن والدفاع في الكنيست عضو الكنيست، يولي أدلشتاين، أنه سيعقد جلسة خاصة لمناقشة الموضوع يجري خلالها فحص سلوك سلطات إنفاذ القانون، من الجنود ومثيري الشغب، تثبت كيف وصلنا إلى هذا الوضع المخزي والصادم وكيف يمكن لجنود متهمين بالتعذيب أن يحصلوا على الدعم والتأييد بدلاً من الإدانة الصريحة.
  • وتقف إسرائيل أمام لحظة حاسمة، وعليها أن تقرر إذا كانت دولة لا تزال تسود فيها سلطة القانون، أم إنها أصبحت دولة تسيطر عليها الكتائب المسلحة من اليمين الاستيطاني التي تهب للدفاع عن الجنود حتى عندما يُتهمون بجرائم صادمة ومريعة ومن دون أي مبرر أمني. وبذلك، نرسل رسالة واحدة إلى العالم كله، وهي: إسرائيل لا تريد ولا تقدر على التحقيق مع نفسها، ومن هنا سيكون الطريق المؤدي إلى إصدار مذكرات توقيف وفرض عقوبات وعزلة دولية قصير جداً. وفي المقابل، فإن الضغط السياسي غير المسبوق للحكومة على سلطات إنفاذ القانون وحراس البوابة يتطلب إظهار شجاعة وجرأة أكبر من العادة لهذه السلطات لمواصلة القيام بمهمتها. ومن أجل صورتنا الإنسانية كإسرائيليين، ومن أجل مستقبل إسرائيل "كدولة ديمقراطية ودولة قانون"، آمل من كل قلبي أن ينجحوا في مهمتهم.