الأميركيون يوزعون الجزرات، لكن نتنياهو يتخوف من العصي التي تنتظره في إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مساء الأول من أمس،  كما في الأشهر الماضية، سيطرت نبرة من الاحتفال الحذر في استديوهات الأخبار في القنوات التلفزيونية. المراسلون السياسيون في هذه القنوات، هم ربما الأكثر تفاؤلاً في عالم الإعلام الإسرائيلي، روجوا معاً رسالةً من ديوان رئيس الحكومة وردت إليهم قبل وقت قليل من النشرة الإخبارية، بحيث كان من الصعب التحقق من صحتها، وجاء فيها أن بنيامين نتنياهو أبدى شيئاً من المرونة، وأرسل الطاقم الإسرائيلي المفاوض إلى قمة الدوحة في قطر، مع هامش مناورة أكبر، الأمر الذي قد يسمح بالتوصل إلى صفقة تؤدي، أخيراً، إلى تحرير المخطوفين ووقف إطلاق النار مع "حماس" في قطاع غزة.
  • أدت هذه التقارير إلى رفع منسوب التوقعات في أوساط عائلات المخطوفين التي سمعت توقعات إيجابية، نسبياً، في الأيام التي سبقت القمة من ثلاث شخصيات مقربة جداً من رئيس الحكومة؛ الوزير رون ديرمر، ورئيس حزب شاس آرييه درعي، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي؛ وفي تقدير عدد من الأشخاص الذين تحدثت معهم العائلات، أننا صرنا أقرب إلى توقيع صفقة منذ فشل صفقة المخطوفين في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وأوضح درعي للعائلات أن سبب عودته للمشاركة في نقاشات "الكابينيت"، بعد أسابيع كثيرة، هو التوصل إلى صفقة...
  • يواصل رئيس الحكومة العمل على طريقته، رِجل إلى الأمام ورِجل إلى الوراء، وكعادته، يهمّه كسب الوقت بصورة أساسية. وفي الواقع، من الصعب رؤية كيف يمكن لصفقة تعرّض حكومته للخطر، ويمكن أن تسّرع في خروج حزبَي اليمين المتطرف منها، أن تكون في رأس اهتماماته. من جهة ثانية، يوجد ضغط أميركي كبير وغير مسبوق، من أجل التوصل إلى صفقة، يترافق مع خطر حقيقي لنشوب حرب إقليمية، تشارك فيها إيران  وحزب الله بصورة كاملة. التصادم بين هذه الاعتبارات هو الذي سيحسم موقف نتنياهو.
  • بقيت مسألة يحيى السنوار. لقد أبدى زعيم "حماس" في القطاع، في الشهر الماضي، استعداداً كبيراً لتوقيع صفقة، في ضوء الوضع القتالي الصعب للحركة. لكن السنوار يمكن أن يضع عراقيل في اللحظة الأخيرة، ويغريه إمكان انضمام إيران وحزب الله إلى الحرب بصورة كاملة، منذ قرر ارتكاب "مذبحة" 7 تشرين الأول/أكتوبر. المسؤول الرفيع المستوى في حركة "حماس" في لبنان أسامة حمدان، اعترف أول أمس بأن الاتصال بالسنوار في مخبئه في القطاع صعب، وهو يؤخر اتخاذ القرارات في الحركة.
  • بدأت الإدارة الأميركية، هذا الأسبوع، بتقديم سردية جديدة، هدفها التشديد على ضرورة التوصل إلى صفقة، ومفادها أن الصفقة وحدها يمكن أن توقف الهجوم الانتقامي الذي تخطط له إيران وحزب الله، رداً على اغتيال المسؤول في حزب الله فؤاد شُكر في بيروت وزعيم "حماس" في الخارج إسماعيل هنية في طهران. لكن إلى جانب التحذيرات الأميركية، هناك النيات الحسنة. قريباً، سيُفرَج عن شحنة القنابل الدقيقة التي تزن طناً، المخصصة لسلاح الجو، والتي عرقلها الرئيس منذ الخلاف بشأن الدخول إلى رفح في أيار/مايو الماضي. وخلال أقل من أسبوع، تمت الموافقة على تحويل جزء من المساعدة الأمنية الخاصة (3.5 مليارات دولار من أصل 14.1 مليار) التي التزمت الولايات المتحدة تقديمها في نيسان/أبريل؛ كما تم الدفع قدماً بصفقات شراء أمنية بقيمة 20 مليار دولار، من أموال المساعدة الأميركية السنوية.
  • لكن الخطوة الأكثر إثارةً للإعجاب هي التي قامت بها القيادة الوسطى للجيش الأميركي. في الأيام العادية، توجد بضعة آلاف من الجنود الأميركيين في الدول المجاورة لإسرائيل. الانتشار الحالي يشمل عشرات الآلاف من الجنود وحاملتَي طائرات، وعدداً كبير من السفن، ومئات الطائرات الحربية... وهذه هي المرة الثالثة التي توجه فيها الولايات المتحدة قوات كبيرة لمساعدة إسرائيل منذ بداية الحرب (المرتان السابقتان في تشرين الأول/أكتوبر، ونيسان/أبريل). "الكليشيه" القديم القائل إن إسرائيل تدافع عن نفسها بقواها الذاتية لم يعد صحيحاً.
  • إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل للمرة الثانية، بعد هجوم نيسان/أبريل، انتقاماً  لاغتيال الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي، فإن الهجوم سيشكل حدثاً في الشرق الأوسط. وكان كلٌّ من إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان حذّرا  في صحيفة "هآرتس" في الأشهر الأخيرة من احتمالات تسريع إيران حربها ضد إسرائيل. لقد لاحظت ضعف إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، والآن، هي تعتقد أن في الإمكان بدء حرب استنزاف تمتد عدة سنوات، هدفها النهائي هزيمة إسرائيل. لكن ما سيحدث في المستقبل قد يحدث الآن. وبعد أن لخّصت الولايات المتحدة المعضلة بأنها صفقة، أو هجوم، وإذا ما شنّت إيران وحزب الله هجومهما، فقد يكون مستوى التدهور سريعاً أكثر. ومن غير المؤكد أن يكون لدى إسرائيل إجابات استراتيجية جيدة بما فيه الكفاية...
  • في انتظار الهجوم الانتقامي، يتفوق حزب الله على إسرائيل، نسبياً. هنا النقاش حرّ جداً، وكذلك الجدل العام، وفي الإعلام، وهو يعكس كثيراً من المخاوف والرعب. حزب الله لا يسيطر سيطرة مطلقة على الإعلام اللبناني، لكنه يحافظ على توازُن رعب معين. المجتمع الشيعي هو مجتمع مقاوم، وقلما يُظهر علامات تردد، أو خوف، بصورة علنية. الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اعترف مرة واحدة، وبصورة غير مسبوقة، بالخطأ الذي ارتكبه عندما أمر بخطف الجنديَّين في الاحتياط، الأمر الذي أدى إلى نشوب حرب لبنان الثانية (2006)، ومنذ ذلك الحين، هو يتجنب مثل هذه الصراحة.
  • ومع ذلك، إن وضع حزب الله ليس مشرقاً. إذ سجّل الجانب اللبناني سقوط 500 قتيل (أكثر من خسائر الجانب الإسرائيلي بنحو 12 ضعفاً)، بينهم 410 شهداء لحزب الله. وبالإضافة إلى اغتيال شُكر، قُتل 3 قياديين من وحدات مركزية في الحزب. وحتى اليوم، هاجم الجيش الإسرائيلي 3800 هدف في منطقة التماس، الواقعة شمال الحدود مع لبنان. عناصر قوة الرضوان والوحدات الأُخرى التي يشغلها حزب الله في "جبهة الجنوب" أصبحت، في أغلبيتها، في شمال نهر الليطاني، كما يبدو. ويدير القتال اليومي ناشطون محليون من سكان الجنوب.
  • وصل عدد النازحين من الجنوب اللبناني إلى 100 ألف نازح، كما سُجلت في الأسابيع الأخيرة حركة نزوح للسكان من الضاحية الجنوبية "الحي الشيعي" في بيروت. تأخر الرد المضاد الذي يمكن أن يبدأ، بعد انتهاء القمة في الدوحة، وله علاقة بالمداولات وصعوبة التنسيق ما بين طهران وبيروت. ومن المحتمل أنه يكشف خوف حزب الله من الانزلاق إلى حرب إقليمية لا يرغب فيها نصر الله، على الأقل علنياً.
  • ... قال القائد السابق لسلاح الطيران اللواء في الاحتياط أمير أشيل في نقاش أجراه مركز واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط: "حتى الآن، لا حاجة إلى توجيه إسرائيل ضربة استباقية ضد إيران، إلّا إذا قرر أحد اللاعبين التصعيد إلى حرب شاملة"، وتابع: "من دون شك، إسرائيل ستردّ على أيّ هجوم من إيران، أو حزب الله، بصورة تتلاءم مع النتائج التي سيُسفر عنها الهجومان. هناك إجماع في إسرائيل على أن الوجود الدائم لحزب الله على الجبهة الشمالية لم يعد مقبولاً. وحتى لو جرى التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإنه لن يكون كافياً ليشعر المواطنون الذين غادروا منازلهم بالأمان لكي يعودوا إليها. سيعود الإحساس بالأمان، إذا تراجع حزب الله عن الحدود. ومن أجل ذلك، يتعين على إسرائيل استخدام الضغط الدبلوماسي، لكن يجب عليها أيضاً أن تكون مستعدة للقيام بالمطلوب".
 

المزيد ضمن العدد