يبدو أن محور فيلادلفيا مجرد عائق يعترض التوصل إلى صفقة؛ المشكلة مختلفة فعلياً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • الانطباع السائد فيما يتعلق بجولة المفاوضات الأخيرة بشأن التوصل إلى صفقة تبادُل، هو أن محور فيلادلفيا يشكّل حجر العثرة الذي يحول دون التوصل إلى اتفاقية تتيح عودة المختطفين إلى إسرائيل. فإذا صدقت الأخبار بشأن إصرار نتنياهو على بقاء الجيش الإسرائيلي في هذا المحور الذي يُطلق عليه اسم "أنبوب الأوكسيجين لحماس"، على الرغم من إعلان رئيس هيئة الأركان أن "الجيش يمكنه تدبّر أموره، حتى من دون سيطرته على محور فيلادلفيا، فإننا نقف أمام حالة "Deja Vue" [مشهد مألوف] مذهلة، ولا غرابة في ذلك.
  • كثيرون لا يعرفون أن اسم "فيلادلفيا" أُطلق على هذا المحور، بحسب العادة في الجيش، كاسم رمزي تم اختياره بمحض الصدفة للمنطقة الحدودية العازلة بين مصر وغزة، بموجب أحكام معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية (1979)،  فهذه الكيلومترات الـ 14 التي تصل ما بين البحر المتوسط في الغرب وحتى مستوطنة "كيرم شالوم" في الشرق، أصبحت تشكل هذا المحور الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس، بعد الفصل بين رفح المصرية والفلسطينية، وهو ما دفع الفلسطينيين إلى حفر الأنفاق، بدءاً من الانتفاضة الأولى (1987).
  • لطالما كانت في هذه الأنفاق مصلحة تجارية شكلت مصدر رزق كثير من العائلات على جانبَي المحور. وكان الهدف في البداية اقتصادياً، من خلال تهريب المواد الغذائية، والسيارات، فالرمل الناعم الذي يميز تلك المنطقة شجّع على مزيد من عمليات حفر الأنفاق، بسرعة كبيرة نسبياً، وبتكاليف غير باهظة.
  • لم يكد يمرّ 20 عاماً، حتى حصل الجيش الإسرائيلي على مستخدم جديد للأنفاق، إذ حلّت  حركة "حماس" محل تجار الغذاء، وبدأت باستخدام هذه الأنفاق لتعزيز قوتها العسكرية. لقد "حظيت" إسرائيل بعدو يعتنق أيديولوجيا دينية متطرفة، بدأ بالتزود بأفضل المعدات العسكرية، وأسلحة حقيقية وصواريخ ذات آماد مختلفة. وهكذا، بدأ التهديد لإسرائيل بالتحول إلى تهديد استراتيجي، شيئاً فشيئاً، وبات الجيش الإسرائيلي مضطراً، المرة تلو الأُخرى، إلى العودة إلى احتلال المنطقة لكي يوقف التدهور.
  • كلما مرّ الوقت، أصبح الجيش يدرك أن انسحابه من هذا المحور كان العامل الأساسي لتعاظم حركة "حماس"، أمّا عشية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فقد سجلت شبكة الأنفاق المتغولة، والتي بدأت في السابق "عمليات حفر بريئة"، قبل نحو أربعين عاماً، رقماً عالمياً في القتال تحت الأرض. فالجيش يقاتل داخل الأنفاق، وهو قادر على السيطرة على معظمها. لكن ماذا عن المحور الذي يغذي هذه الأنفاق؟
  • في حال اضطرّت إسرائيل إلى ترك هذا المحور في إطار صفقة لتبادل الأسرى، لن يستغرق الأمر طويلاً إلى أن تعود المشاكل، وحينها، سنندم على ما فات، ونقول إننا كنا نعلم بأن هذا ما سيحدث. أمّا إذا بقينا في المحور نفسه، بصورة منفصلة عن القطاع، فإننا سنتحول إلى أهداف مكشوفة للضرب، وسيكون جنود الجيش الإسرائيلي هناك أهدافاً سهلة للعدو.
  • لكن المعضلة لا تتعلق بمحور فيلادلفيا فحسب، ولا حتى بمحور رفح، أو محور نيتساريم، أو بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم. المشكلة أكثر خطورةً، وهي تتعلق بمن سيحكم غزة في "اليوم التالي". إذا كان مَن سيحكم غزة سلطة أُخرى تقصي "حماس"، فسيبدو الأمر صورة انتصار إسرائيلية رائعة. لكن إذا كانت المعضلة هنا هي: تحرير الأسرى الإسرائيليين، أم محور فيلادلفيا؟ فالإجابة معروفة طبعاً: أعيدوا المخطوفين. أمّا فيلادلفيا، فسنتدبر أمرنا فيه.
 

المزيد ضمن العدد