لم يعد هناك قواعد، لم يعد هناك معايير
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • أنا أغطّي أخبار النظام السياسي في إسرائيل منذ 40 عاماً، ولم أتخوف قط مثلما أتخوف الآن. لا عندما دخل كهانا إلى الكنيست، ولا عندما قاموا برمي قنبلة يدوية على المجلس التشريعي، وحتى عندما حاصروا الكنيست. لقد كانت أحداثاً متطرفة جداً واستثنائية، شاذة عن القاعدة، لكنها أثبتت أنه توجد قاعدة، إلاّ إنها خُرقت. حينها، ما شجّع على الاستمرار أن المنظومة برمتها توحدت للفظ هذا الانزياح. فكهانا مثلاً، قاطعه الجميع، أمّا ميكي إيتان، عضو الكنيست من "الليكود"، فذهب أبعد من ذلك، وقارن بين قوانين كهانا وقوانين نيرنبرغ.
  • الآن، لا توجد قواعد. لقد نُسفت كلها، وفي جميع المجالات. إيتمار بن غفير وريث كهانا، تحوّل إلى وزير كبير يمثل الحكومة. إنه يدخل إلى "جبل الهيكل"، ويرقّي ضابط ألقى قنبلة هلع على متظاهرين، ويفكك الحكومة من الداخل. وأدخلَ معه مجموعة من أعضاء الكنيست المجانين. طبعاً، لا أتحدث فقط عن المفهوم ضمناً، فليمور سون هار ميلخ وألموغ كوهين، لا يقدر أشهر البرامج الساخرة في العالم على وصفهما - أمّا تسفي فوغل، فبلهجة جنرال يعرف كل شيء، يقول بهدوء أكثر الأقوال التي تقشعر لها الأبدان في العالم. هذا هو الشخص الذي رفعت عليه عائلة من عوائل المخطوفين قضية بسبب حظره لها، لأنها طلبت منه أن يقول شيئاً من أجلها.
  • لكن، لماذا أشكو من هامش الكنيست؟ ما يقوم به وزير القضاء ياريف ليفين أسوأ، فهو مليء بالكراهية للنظام القانوني ويستعمل قوته لمنع أيّ تصويت ديمقراطي على تعيين رئيس للمحكمة العليا، فقط لأنه لا يعرف ما إذا كان لديه أغلبية في لجنة تعيين القضاة. لقد استهدف ليفين المحكمة العليا، ووضعها نصب عينيه، وهناك قطيع خلفه. شمعون ريكلين قال عن المحكمة العليا هذا الأسبوع إنها "بيت النخبة وكارهي إسرائيل"، وليس أقل من ذلك.
  • فقدان المعايير هذا يتغلغل أيضاً في داخل المحاكم. يأخذ المستفزون العائلات الثكلى الحزينة إلى المحكمة لتخريب المداولات. إنهم يصرخون على القضاة، ويحولون المداولات إلى مسخرة. هذا ما حدث سابقاً، حين قام القضاة بالعودة إلى مكاتبهم، ولن يكون بعيداً اليوم الذي سيتم فيه الاعتداء على قاضٍ باليد، أو بمسدس.
  • وهذا قبل أن نتحدث عن وزير التربية والتعليم الذي تحول إلى نكتة ساخرة. أو عن ميري ريغف الفارغة؛ أو عن رئيس الحكومة الذي يقارن دائماً بين خدمته العسكرية وبين المآسي التي يعيشها المخطوفون في الأنفاق؛ أو عن زوجته سارة الذي لا يعرف سوى الله كيف دخلت إلى جلسات مع عائلات المخطوفين، وكيف تجرأت على تحميل الجيش المسؤولية.
  • وإذا كنا نتحدث عن الجيش، فإن تحريض رئيس الحكومة وأذرعه على الضباط في وقت الحرب، أمر لا يُصدق، لكن يمكن الحديث عنه، فلهذا السبب تم تأسيس قنوات إخبارية تشجع الأخبار الكاذبة التي تهدف إلى جعل الأسود أبيض من البياض.
  • كان الصراع يوماً بين اليمين واليسار. لقد تناقشنا بشأن الاحتلال والدولة الفلسطينية والضم. اليوم نتناقش بشأن الأمور الأساسية: المعايير الأساسية والقواعد، وقصة إطار الدولة الذي من دونه لن تكون الديمقراطية فاعلة.
  • بالإنكليزية، هناك جملة تقول IT IS NOT DONE، وتهدف إلى تحديد حدود المعايير. وباللغة اليديشية، علمني الحريديون جملة "سباست نيتش"، بما معناه غير ملائم، ولا متناسب، ولا معقول. لا يوجد بالعبرية كلمة ملائمة وقوية. لا يوجد قعر لن نصل إليه. وليس اعتباطاً أن المعركة الأكبر بشأن التغييرات القضائية حتى الآن، كانت قضية المعقولية، محاولة يائسة لإعادة التفريق بين الجيد والسيئ، وبين الصحيح وغير الصحيح.