الجمهور الإسرائيلي أمام لحظة الحقيقة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أعلن الجيش الإسرائيلي أمس انتشال جثث المخطوفين الستة من نفق في رفح. كان المخطوفون في قيد الحياة، وصمدوا أكثر من 10 أشهر في الأسر، ثم أُطلقت النار على رؤوسهم في الأيام الأخيرة. وبحسب الوسيط في صفقة إطلاق سراح المخطوفين التي جرى النقاش بشأنها في الأشهر الأخيرة، كان من المفترض إطلاق سراح ثلاثة من المخطوفين القتلى في الدفعة الإنسانية الأولى. لقد كان في الإمكان إعادتهم أحياء. لكن الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو فضّلت محور فيلادلفيا على حياتهم.
- "مَن أطلق الرصاص هي 'حماس'"، لكن مَن حكم عليهم بالموت هو نتنياهو. يحب رئيس الحكومة أن يعتبر نفسه "سيد الأمن"، وأحياناً "سيد الاقتصاد" و"سيد الدبلوماسية"، لكنه في نظر التاريخ، سيكون سيد الموت وسيد التخلي. وسيُكتب اسمه بدماء المخطوفين. بعد أشهر طويلة من الإهمال والمماطلة، وتخريب الصفقات، الواحدة تلو الأُخرى، اتُّخذ قرار في جلسة "الكابينيت"، التي عُقدت ليل الخميس - الجمعة، بشأن إغلاق ملف إعادة المخطوفين أحياء، واتُّخذ القرار: لن تغادر إسرائيل محور فيلادلفيا. لم تفِد تحذيرات وزير الدفاع يوآف غالانت من أن مغزى القرار دفْن الصفقة والحكم على المخطوفين الأحياء بالموت. كما لم يساعد كلام رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي بشيء. لقد ادّعى هليفي أن في إمكان الجيش العودة إلى احتلال محور فيلادلفيا عند الحاجة. كل هذا لم يساعد في مواجهة نتنياهو الذي لا يعمل وفق اعتبارات أمنية، أو إنسانية.
- نتنياهو هو المسؤول الأساسي عن التخلي عن المخطوفين وترْكهم في مواجهة الموت، إلى جانب أعضاء حكومته. لكن الجمهور أيضاً لا يمكنه الخروج نظيف الكفين. طوال أشهر، بقيَ معظم هذا الجمهور في منزله، فاضطرت عائلات المخطوفين إلى النضال وحدها، دفاعاً عن حياة أحبائها. جرى هذا بسبب سياسة فرّق تسُد التي يمارسها نتنياهو: لقد جرى "فصل" المخطوفين عن الجمهور، كأنهم ليسوا جزءاً منه. وكأن هناك معضلة بين حياتهم وحياتنا جميعاً. لقد أوجد نتنياهو معادلة زائفة؛ إمّا المخطوفون، وإمّا الدولة. لقد نجح في ذلك. وظلت الجماهير الخائفة في منازلها. وهذا الكذاب المجرم أثار موجة من العداء حيال عائلات المخطوفين، ولم ينجح موقف المؤسسة الأمنية المؤيد للصفقة في تحييدهم.
- عندما طالب الجمهور بوقف الانقلاب الدستوري، نجح في ذلك. وعندما طالب بوقف إقالة وزير الدفاع، نجح في ذلك أيضاً. وهذه المرة أيضاً، إذا كان الجمهور مصراً على التوصل إلى الصفقة، فإنها ستتحقق. ومن أجل ذلك، عليه الخروج إلى الشوارع. إذا أراد الجمهور إعادة المخطوفين أحياء، عليه التظاهر بأعداد كبيرة كل يوم، إلى حين عودتهم. وكل مَن لا يشارك في ذلك، سيكون شريكاً في جريمة ترْكهم في مواجهة الموت.