من أجل التخلص من غالانت، يسعى نتنياهو لتعيين بديل منه، لا خبرة لديه، ومستعد للمخاطرة بحرب شاملة في الشمال
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- نشرت صحيفة "هآرتس" في عنوانها الأول، أمس (الإثنين)، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يضغط على الجيش، وعلى وزير الدفاع يوآف غالانت، من أجل شنّ هجوم واسع النطاق على لبنان، وعلى قطاع غزة. لم يكن سياق هذه الخطوة واضحاً البتة. فطوال الحرب، صدرت عن نتنياهو رسائل متناقضة، وحتى الآن، امتنع من مواجهة شاملة مع حزب الله في لبنان. ما هو سلّم أولوياته، هل يفضل تركيز الجهد على لبنان على حساب غزة، من الآن فصاعداً، حسبما أوصى غالانت ورئيس هيئة الأركان هليفي منذ وقت طويل؟
- جرى حلّ اللغز في ساعات الظهيرة، عندما اتضح أن نتنياهو يوشك على الاتفاق مع جدعون ساعر (اليمين الرسمي)، سراً، على انضمامه إلى الائتلاف، مع كتلته المؤلفة من أربعة أعضاء، وتعيين ساعر وزيراً للدفاع محلّ غالانت الذي سيُقال.
- الجدل بشأن طبيعة العملية في لبنان حقيقي، وكذلك النقاشات المكثفة التي جرت في الأيام الأخيرة، وأحياناً طوال الليل. ومن المحتمل أن تؤدي هذه النقاشات في النهاية إلى دخول إسرائيل في مواجهة واسعة في لبنان، لكن هناك خلافات في هذا الشأن في داخل القيادتَين السياسية والأمنية.
- إلّا إن الالتفاف من يمين نتنياهو الذي حثّ غالانت، فجأة، على شنّ عملية على لبنان، بعد أن استنجد بأعضاء حزب "المعسكر الرسمي" في 11 تشرين الأول/أكتوبر، طالباً منهم الانضمام إلى الحكومة من أجل كبح توصية غالانت والجنرالات بتوجيه ضربة استباقية كبيرة إلى حزب الله، لم يأتِ هذا الالتفاف من فراغ؛ وكالعادة، توجد وراءه اعتبارات سياسية؛ يريد نتنياهو إعداد الأرضية لإقالة غالانت من خلال إظهاره أنه وزير ضعيف ومتهاون حيال مسألة لبنان.
- من المحتمل أن تشن إسرائيل حرباً شاملة ضد حزب الله، لكن نتنياهو لم يستيقظ ذات صباح مع شعور بالذنب تجاه 60 ألف نازح من سكان الحدود الشمالية، الذين جرى إجلاؤهم عن منازلهم منذ أكثر من 11 شهراً. ومثلما هو واضح منذ أشهر طويلة، إن الاعتبارات الوحيدة التي توجّه قرارات رئيس الحكومة في الحرب لها علاقة بصموده الشخصي واستمرار استحواذه على السلطة. وهذه الاعتبارات تضع كل الاعتبارات الاستراتيجية، أو العسكرية جانباً. ومثلما ظهر محور فيلادلفيا من حيث لا ندري، وخلال لحظة، تحوّل إلى المصدر الأمني الوحيد، من أجل وقف تقدُّم عجلة صفقة المخطوفين، برزت اليوم ذريعة جديدة. يريد نتنياهو بشدة التخلص من غالانت من أجل ضمان استقرار ائتلافه. وإذا كان يجب تعيين وزير دفاع جديد لا خبرة لديه، لهذه الغاية، من أجل التقدم نحو حرب شاملة والتخلي عن المخطوفين الموجودين في أنفاق "حماس"، فإن هذا سيُنفّذ.
- أمس، جرى الحديث عن أن انضمام ساعر إلى الحكومة يواجه عقبات، جزء منها يعود إلى معارضة في داخل عائلة نتنياهو. إن الإسرائيليين الذين يحاولون إقناع أصدقائهم في الخارج بأن الديمقراطية في إسرائيل مستقرة وعادية، على الرغم من الاضطرابات، يجدون صعوبة في ذلك، أكثر فأكثر. لقد أصبحنا جمهورية موز، حيث لم يعد المواطن والجندي يهمّان السلطة.
- أمس، أُصيبت الإدارة الأميركية بصدمة، جرّاء خطوة استبعاد غالانت، وحذّرت نتنياهو من النتائج الخطِرة المتوقعة المترتبة عليها. في غضون ذلك، لا تزال المشكلة اللبنانية على حالها. يتصاعد تبادُل الضربات مع حزب الله منذ أسبوعين. وينكشف عجز السياسة الإسرائيلية، أكثر فأكثر. وعلى الرغم من ذلك، فإن جدلاً مهنياً حاداً يدور فيما إذا كان الجيش الإسرائيلي قادراً الآن على خوض حرب موازية على عدة جبهات؟ ماذا عن الإنهاك وسط المقاتلين في الخدمة النظامية، وفي الاحتياط؟ ما هو وضع العتاد والمخزون؟ هل ستؤدي عملية عسكرية فتاكة إلى تحسين جوهري للوضع على الحدود الشمالية، أو حسبما تقول الإدارة الأميركية، إنها ستنتهي باتفاق مشابه للاتفاق المطروح على الطاولة الآن، في ضوء جمود المحادثات بين إسرائيل و"حماس" في غزة؟
- في الأمس، التقى موفد الرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين نتنياهو وغالانت، كلٌّ منهما على حدة. وحذّرهما من أن توسيع المواجهة العسكرية لن يؤدي إلى إعادة السكان إلى منازلهم، بل سيزيد في خطر نشوب حرب إقليمية واسعة ومستمرة. أمّا البيان الصادر عن نتنياهو، بعد اللقاء، فكان أقل "صقريةً" من بيان غالانت. طالب رئيس الحكومة بـ"تغيير جذري" للوضع، بينما ادّعى وزير الدفاع أن السبيل الوحيد لإعادة سكان الشمال هو بواسطة عملية عسكرية. هذا على الرغم من تسريبات المحيطين برئيس الحكومة أن غالانت ضد العملية.
- ما هو رأي أهالي المقاتلين الذين يخدمون في القطاع منذ سنة تقريباً، عندما سيُستدعى أولادهم للمشاركة في حرب في لبنان، أصعب وأكثر تكلفةً، حيال هذه التطورات؟ هل يشعرون بأن أمن البلد وأمن أبنائهم بين أيادٍ موثوق بها، ويمكن الاعتماد عليها؟ هل ما زالوا يريدون الاعتقاد أن القرارات الأكثر أهميةً في الحرب، تُتخذ لأسباب موضوعية؟
- تزداد التساؤلات عندما نسمع من المراسلين السياسيين أن وراء السرعة في استبعاد غالانت سبب آخر، ألا وهو الرغبة في إخلاء الطريق من أجل التوصل إلى صفقة فاسدة بين الليكود والأحزاب الحريدية، هدفها الالتفاف على قرار المحكمة العليا وضمان استمرار تهرُّب أغلبية الجمهور الحريدي من الخدمة العسكرية. القلب حزين على عائلات المخطوفين التي اعتقدت أن زعيم حزب "شاس" آرييه درعي هو المفتاح للدفع قدماً بالصفقة. مرة أُخرى، يتضح أن الاعتبارات الشخصية والحزبية لدرعي أكبر من الاعتبارات الوطنية، ومن تعاطُفه مع عائلات المخطوفين. ففي النهاية، هذه العائلات ليست ضمن جمهور ناخبيه، وكذلك الذين خُطفوا من الكيبوتسات، لا حول لهم ولا قوة، أو من مهرجان نوفا، أو من الدبابات، بالقرب من السياج الحدودي.