دولة اليهود تمتنع من الاعتراف بطالبي اللجوء ثم تقترح عليهم المخاطرة بحياتهم في مقابل اللجوء
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • يبدو أن سكان قطاع غزة المدنيين ليسوا الوحيدين الذين يشكلون، بالنسبة إلى الجيش، مخزوناً لاستخدامهم في أهداف قتالية. يوجد لديه أيضاً قوة دعم مؤلفة من طالبي اللجوء الأفارقة المقيمين بإسرائيل، الذين يستغلهم أيضاً أفراد مجهولون من الأجهزة الأمنية، للمساهمة في الجهد الحربي الذي تخوضه إسرائيل.
  • الصهيونية هي الفكرة المؤسِّسة لإقامة إسرائيل ووجودها، وبحسبها، للشعب اليهودي في دولة إسرائيل الحق في تقرير المصير القومي. هذا أساس مبرَّر جداً، وبصورة خاصة في ضوء التاريخ اليهودي. واعترف به المجتمع الدولي- ما دام لا ينطوي، في المقابل،  على نزع حقّ الشعب الفلسطيني في دولة إلى جانب إسرائيل.
  • لكن بمرور الوقت، وخصوصاً بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وتحويلهما إلى مواقع انتشار يهودي على حساب السكان الذين يعيشون فيهما، برزت نكهة طفيفة من العنصرية في تحقيق الفكرة. هذه النكهة تحولت إلى رائحة قوية مع سَن قانون أساس "القومية" الذي يعبّر عن التفوق اليهودي بوضوح. لم تفهم المحكمة العليا المعنى الكامل والإسقاطات السلبية التي ستترتب على هذه التغييرات التي تبدو رمزية. وفي جميع الأحوال، بقي القانون على حاله، ونجح قاضٍ واحد فقط، عربي، هو القاضي جورج قرا، بعرض تحليل قانوني لائق، وبحسبه، يجب إلغاء القانون. هذه الرائحة السيئة والقوية باتت أكثر قوةً لدرجة أن ما سبقها كان مجرد عطور، بعد أن جرى منح إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وأصدقائهم مواقع قوة مصيرية يستطيعون استغلالها إلى أقصى حد ممكن- بأفضل صورة، بالنسبة إليهم، وبأسوأ صورة، بالنسبة إلينا- ويستغلونها.
  • كان تعامُل إسرائيل مع قضية طالبي اللجوء عنصرياً منذ البداية، وبصورة خاصة بعد أن تبين أنه لا توجد أعداد كبيرة، بعكس التخويف الذي جرى. التعامل مع طالبي اللجوء على أنهم سرطان، والادعاءات الكاذبة بشأن أنهم ينشرون الأمراض، وخطر على أمن الدولة، عبارة عن تحريض عنصري كلاسيكي. وعلى الرغم من الالتزامات التي تقع على الدولة، والنابعة من القانون الدولي والقانون الإسرائيلي، فإن إسرائيل امتنعت من حسم قضية طالبي اللجوء بصورة منهجية. يسمح لها عدم الحسم هذا بالتفاخر بالأعداد الضئيلة جداً من طالبي اللجوء التي جرت المصادقة عليها- وهو ما يُستغل أيضاً للقول إن طالبي اللجوء الآخرين لا يحقّ لهم اللجوء. وبسبب عدم الحسم هذا، تمتنع من إصدار قرار، ولو كان سلبياً، بشأن الذين لا يستحقون اللجوء.
  • كان يمكن التوصل إلى حل لائق باتفاق بين الحكومة والأمم المتحدة، إلّا إن مَن يسيطر على إسرائيل ليست قياداتهم، إنما مجموعة مؤثرين دفعت ردودهم السلبية رئيس الحكومة إلى التراجع عن الموافقة على هذه القضية. نتنياهو ليس قائداً يقود في اتجاه إيجاد حل للمشاكل، إنما هو قائد ضعيف تقوده مجموعات شعبوية محرّضة. في هذه الحالة، إن هؤلاء المؤثرين، أكثر منه، هم القوة الكامنة في التحريض العنصري، التي يمكن أن تقود إلى حالة عدم الحسم، والتي يمكن من خلال استغلالها جيداً الوصول إلى الكنيست أيضاً.
  • حقيقة أن كثيرين من الإسرائيليين هم من اللاجئين، أو أحفاد اللاجئين (وبصراحة، أنا أحدهم)، وعانوا بسبب القوميين العنصريين وأشكالهم (وهو ما كان أحد الأسباب المركزية لمعاهدة اللاجئين في سنة 1951)، لم تساعد. تبلورت هذه السياسة من خلال فكرة الدولة اليهودية النقية، نقية من غير اليهود. من الواضح أن لون البشرة الأسود كان أحد أسباب رفض طالبي اللجوء (والشاهد عليه التعامل مع يهود أثيوبيا)، لكن أيضاً، واجه الأوكرانيون من غير اليهود (وهم لا يحق لهم اللجوء، استناداً إلى قانون العودة)، الذين هربوا من الحرب، تعاملاً مُذلاً وترحيلاً.
  • عندما تتحول السياسة غير القانونية إلى أداة ضغط تُستخدم ضد الأشخاص الذين حوّلتهم السلطة إلى تابعين لنعمهاـ حتى لو لم تكن جريمة جنائية، فإنها سياسة فاسدة. إنها تسمح بإقناع طالبي اللجوء  بالخدمة في الجيش. إذا كان المقصود هؤلاء الذين يحق لهم الحصول على اللجوء، فإن التعويض المقدم لهم في مقابل خدمتهم العسكرية ليس تعويضاَ حقيقياً على الإطلاق. هم يعدونهم بتقديم أقل مما يستحقونه...
  • ما دامت الحكومة الحالية لا تزال حاكمة، وما دام هذا الائتلاف لا يزال موجوداً- ستُحقن شرايين المجتمع الإسرائيلي بحقن دائمة من السم العنصري. التخوف الكبير هو من التغييرات العميقة التي تجري داخل المجتمع، من دون أن يكون واعياً بها كلياً.
  • حقيقة أنه في موازاة هذه الخطوة، يبشروننا بنضوج قانون التهرب من الخدمة العسكرية، الذي سيعفي طلاب المدارس الدينية الحريديم من الخدمة العسكرية، أمور كلها تشير إلى عمق الأزمة التي وصلنا إليها. كان من الأفضل للمستشارين القانونيين مطالبة الحكومة بتطبيق قرارات المحكمة العليا بهذا الشأن، بدلاً من تعاوُنهم مع خطوات مستنكَرة كهذه.
  • كلما كانت فترة حُكم بن غفير وسموتريتش أطول في الضفة الغربية كلما كان من غير الممكن ضمان أن تكون قراراتهم موضوعية وغير متحيزة، شخصياً وسياسياً وحزبياً، وهو ما سيؤدي إلى تراجُع في الدافع إلى الخدمة في الجيش، وأيضاً سيتراجع الاستعداد للمخاطرة بالحياة، لأنها ستكون غير مبرَّرة. وإذا استمر هذا، فلن يكون بعيداً اليوم الذي سنسمع فيه عن مرتزقة مسؤولين عن أمن إسرائيل، برعاية المستشارة القانونية.