نتنياهو خسر الحرب في مواجهة "حماس"، ويحاول كسب الوقت في حرب استنزاف
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • الكلاب تنبح والقافلة تسير؛ في الحقيقة، باتت هذه الطقوس مملة ومزعجة. وللأسف الشديد، إن الكلاب في هذه المعادلة هي أغلبية الشعب الإسرائيلي، أمّا القافلة، فهي قافلة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأكثر فشلاً في تاريخ دولة إسرائيل. لكن هذا لا يؤثر فيه، بل هذا ما يريده بالضبط: أن نُصاب بالملل، ونتعب، ونرفع أيدينا مستسلمين، وأن يعود كلٌّ منّا إلى منزله وحياته، ويترك إسرائيل تنزف حتى تصل يده الطولى من السلطة الاستبدادية إلى كلّ واحد منا. هذا ما يريده : إنهاكنا، وإذا كان نتنياهو لا يفقه شيئاً في الدبلوماسية، أو العمل العسكري، فهو على الأقل، خبير في الخداع السياسي والإنهاك.
  • تماماً خلال كتابة هذه السطور، نرى حزب الله وهو يلعق جراحه، بعد عملية مذهلة وغير مسبوقة، إذ انفجرت في لحظة واحدة في لبنان، وحتى في سورية، أجهزة الاتصال الخاصة بعناصره، الأمر الذي أدى إلى إصابة نحو 3000 منهم، وقتل بعضهم. ووفقاً لتقارير أجنبية، نُسبت هذه العملية إلى إسرائيل، وإذا كان الأمر صحيحاً، فإنها تكشف عن جانب آخر من القدرات العسكرية الإسرائيلية الهائلة. قد تقربنا هذه الدراما من حرب فعلية مع حزب الله، إلى جانب القتال المستمر في غزة، وهجمات الحوثيين، والتهديدات الإيرانية، و"الإرهاب" المتصاعد في الضفة الغربية وداخل إسرائيل. لكن كل هذا لا يمنع نتنياهو من حياكة مؤامرة، في هذا الوقت بالذات، لإقالة وزير الدفاع، لا أقل! ففي هذه اللحظات الحرجة لأمن الدولة، وفي خضم حرب قد يتسع نطاقها، تبرز مؤامرة من هذا النوع، لا يمكن لأحد التفكير فيها، حتى مكيافيلي نفسه.
  • وهكذا، بدلاً من التوصل إلى صفقة تبادُل أسرى، سنحصل على صفقة مصالح سياسية قذرة وكريهة. ونتنياهو يعلم، بعكس بن غفير وسموتريتش، المهرّجَين المهووسَين اللذين أدخلهما إلى حكومته، وهما اللذان لا تعدو تهديداتهما كونها مجرد هراء، لكن تهديدات الأحزاب الحريدية [بشأن انسحابها من الحكومة، إذا لم يتم إلغاء قانون تجنيد الحريديين] حقيقية. فما العمل؟ طرد غالانت الذي يعارض قانون التهرب من التجنيد، وإحلال جدعون ساعر الذي يكرهه نتنياهو ويكره زوجته [زوجة ساعر، المذيعة غيئولا إيفن، المعروفة بانتقاداتها العلنية لنتنياهو]، لا لشيء، إلّا من أجل البقاء في السلطة. من الصعب تعليل هذا التحرك المخزي من الرجل الذي، حتى أيام قليلة فقط، كان يحذّر من تصرفات نتنياهو الخطِرة. نعم، ساعر هو مَن قال: "إذا كنتم تريدون نتنياهو رئيساً للوزراء، فلا تصوتوا لي".
  • هكذا يسعى نتنياهو للحفاظ على كرسيه، وليس من أجل أن يفعل شيئاً مفيداً لمصلحة مواطني إسرائيل، بل من أجل مصالحه الشخصية والسياسية فقط، وليتمكن من الاستمرار في إنهاكنا. فهذا الرجل الذي خسر الحرب أمام "حماس"، ويجرجرنا منذ عام كامل إلى حرب استنزاف لا نهاية لها، من دون أن يترجم قدرات الجيش الإسرائيلي إلى حسم استراتيجي، ويطيل أمد الحرب، ويستنزفنا للحصول على مزيد من راحة البال: ارتياح من تهديد الانتخابات المبكرة، وارتياح من خطر تشكيل لجنة تحقيق وطنية في أحداث السابع من تشرين الأول / أكتوبر، وارتياح من خطر مقاضاته بسبب تهم الفساد الموجهة ضده. وللأسف، لقد تمكن من العثور على مَن سيساعده في الأمر، في مقابل مناصب وامتيازات.
  • لتبرير خطته القذرة، يدّعي المتردد الوطني، بمساعدة أبواقه الحقيرة، أن الوزير غالانت يساري ضعيف الإرادة. هذا ببساطة لا يُصدق! لأن غالانت هو الذي اقترح، بعد أربعة أيام فقط من كارثة 7 أكتوبر، في الوقت الذي كان نتنياهو يعيش حالة من الذعر، شنَّ هجوم على حزب الله في خطوة جريئة، لكن نتنياهو تهرّب من مقترحه، واختار المماطلة. إن نتنياهو الذي أرهق دولة كاملة بمحاولة تنفيذ انقلاب سياسي، هذا الرجل الذي قسّم ومزّق هذا الشعب، هو نفسه الذي جلب لنا كارثة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ولم يتحمل المسؤولية بعد. فإن لم يكن ذلك كافياً، فهذا الرجل هو الذي قاد حرباً فاشلة في منطق معاكس لأيّ منطق استراتيجي، لأن ما يتحكم في تصرفاته هو فقط منطق البقاء السياسي على كرسي الحكم. وبدلاً من شن حرب قصيرة ومكثفة بشجاعة، اختار المماطلة وحرب استنزاف خطِرة لإسرائيل، وتمكن من إيقاع إسرائيل في أسوأ وضع منذ تأسيسها.