في الحرب، التكنولوجيا هي أداة فقط
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- أحد الدروس التي تعلمها الجمهور الإسرائيلي، بعد هجوم 7 أكتوبر، هو أن فشل الجيش الإسرائيلي ناجم عن اعتماده الزائد عن اللزوم على التكنولوجيا، ولهذه الغاية، يجب تعزيز سلاح البر. وأصبح التوجه السائد اليوم في السياق الأمني هو نحو زيادة عدد الفرق العسكرية، وإطالة مدة الخدمة العسكرية، والتوقف عن الاعتماد على التكنولوجيا الفائقة الدقة.
- لا يمكن تجاهُل الحاجة إلى تعزيز الجيش واستخلاص الدروس من الفشل الاستخباراتي في ذلك اليوم. لكن الحجج التي يتحدث عنها جدعون ساعر واللواء في الاحتياط يتسحاق بريك، عن إهمال سلاح البر لمصلحة الاعتماد على التكنولوجيا، تنطوي على أخطاء يجب أن نكون حذرين منها.
- أولاً، لم يكن سبب هجوم 7 أكتوبر أن عديد سلاح البر كان قليلاً جداً، بل لأن الجيش لم يكن مستعداً كما يجب. ومن المعقول أنه لو وُجد عدد من الطائرات والطوافات والكتائب على السياج، لكان في الإمكان التصدي للهجوم، على الأقل، الجزء المركزي منه، لو كنا مستعدين مسبقاً.
- علاوةً على ذلك، أثبت منفّذو التفجيرات في لبنان، إذا كانت إسرائيل هي التي نفّذتها، تفوّقنا الكبير في المجال التكنولوجي. وهذه العمليات هي استمرار ناجح في التصدي لهجوم حزب الله، قبل 3 أسابيع، وقبله اعتراض الصواريخ من إيران، الذي اعتمد أيضاً على التكنولوجيا. في المقابل، منذ بدء الحرب، أرسل الجيش الإسرائيلي أفضل الجنود من سلاح البر إلى هناك، حيث قاموا بعمل جيد بهدف تفكيك "حماس"، لكن لم تتمكن الكتائب المقاتلة من تحقيق هدفين آخرين: العثور على المخطوفين، وعلى المكان السري الذي يختبىء فيه السنوار. ولتحقيق هذه الغاية، نحن بحاجة إلى التكنولوجيا.
- طبعاً، يجب تحسين سلاح البر، لكن نظراً إلى أن إسرائيل دولة صغيرة، وحدودها ضيقة، ويشكل اليهود أقلية في مواجهة أعدائنا في بيئة معادية تمتد حتى اليمن، ولا توجد طريقة أفضل من الاعتماد على التفوق التكنولوجي. عملياً، إن نقطة الضعف الأُخرى لإسرائيل حالياً، والمتمثلة في صعوبة اعتراض المسيّرات، مطروحة الآن على المستوى التكنولوجي. ومن هنا، الأهم من إنشاء فرق عسكرية جديدة هو تركيز الجهود على تطوير التكنولوجيا والتخلص من تهديد المسيّرات، ويمكن القيام بذلك بواسطة الليزر، أو بوسائل أُخرى غير معروفة، وحدهم الخبراء في هذا المجال يمكنهم التوصل إليها.
- التكنولوجيا مهمة، لأنها هي التي تجعلنا جذابين في نظر الدول العربية المعتدلة التي تفضل حلفاً مع إسرائيل، لأنها دولة رائدة في مجال الهاي –تك.
- كانت الحاجة إلى التكنولوجيا من بين الأفكار الأساسية في العقيدة الأمنية لديفيد بن غوريون. لذلك، طلب تطوير السلاح العلمي بعد وقت قصير من بناء الجيش الإسرائيلي، وجنّد شمعون بيرس من أجل تطوير الصناعات الأمنية. مع ذلك، هناك حدود للتكنولوجيا؛ صحيح أنها قادرة على شن هجوم وتحقيق التفوق، لكنها غير قادرة على الحسم. إن تفجير أجهزة الاتصال يشكل ضربة لحزب الله، لكنه لن يوقف نصرالله. لذلك، شملت العقيدة الأمنية لبن غوريون شن حروب قصيرة، وتماسُك الشعب، والبراغماتية السياسية التي تهدف إلى بناء أحلاف إقليمية. والحروب إذا كان هناك حاجة إليها، ويجب أن تنتهي دائماً باتفاقات سياسية.
- بناءً على ذلك، ومع كل إعجابنا بالعمليات في لبنان، فإن ما تحتاج إليه إسرائيل، أكثر من أيّ شيء آخر، استراتيجيا تخلّصها من المأزق الحالي. وهذه المسألة لا علاقة لها باليسار، أو باليمين. يجب أن يكون الهدف إنهاء الحرب في غزة، والتي لم يعد لها فائدة، في مقابل إعادة المخطوفين كلهم، ضمن صفقة واحدة تؤدي إلى وقف إطلاق النار من جانب حزب الله، تلقائياً. بعدها، يجب تخصيص السنوات المقبلة للإعداد، حتى تكنولوجياً، لحرب حقيقية مع حزب الله، يجب أن نشنها بصورة مفاجئة. في ظل الوضع الحالي، لا فائدة من هذه الحرب. وفي المقابل، يجب أن نبدأ، ولو على صعيد التصريحات، بعملية سياسية مع الفلسطينيين، الأمر الذي سيقنع السعودية بالوقوف إلى جانبنا والتوصل إلى اتفاق سلام يعزز قوة الدول المعتدلة في مواجهة إيران. هذه هو الهدف الكبير. التكنولوجيا بكل إنجازاتها، هي فقط أداة على طريق تحقيق هذا الهدف.