مع الزخم الذي إلى جانبنا، علينا مزج العمل العسكري بالسياسي
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- بعد سلسلة النجاحات العملانية في الأسبوع الأخير، يجدر بنا أن ندرك أننا لم ننجز شيئاً. ولقد شهد حزب الله أصعب أسبوع منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، وكان يوم الأمس هو الأصعب، ومع ذلك، لا تزال الأحداث الدراماتيكية تنتظر إسرائيل.
- ويوجه الجيش الإسرائيلي الضربة تلو الأُخرى إلى حزب الله، والهجوم الذي بدأ في الأمس غير مسبوق من ناحيتين: الناحية الأولى استخباراتية، والمقصود بها تراكم عمل دؤوب منذ حرب لبنان الثانية لم يكتشفه نصر الله بعد. وفي الأمر الثاني، الاستخبارات هي الأساس؛ ويظهر ذلك في الهجوم الواسع النطاق الموجه إلى أهداف ومنظومات حساسة لحزب الله، والصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى، والصواريخ المتوسطة المدى وصواريخ كروز.
- وقد وقعت الهجمات في أماكن معقدة ومكتظة سكنياً، وجرى القضاء على سلاح مخبأ في المنازل. وكلما كان حجم الهجمات كبيراً، لحق ضرر أكبر بقدرات العدو، وقلص من مرونة عمل نصر الله. وفيما يتعلق بالضرر اللاحق بالقدرات، فمن الأجدى أن نكون حذرين جداً، وألاّ نحاول من الآن تحديد الأرقام، ويجب الاستمرار في إلحاق الضرر. لكن لدى حزب الله قدرة كبيرة على إلحاق أذى كبير بالجبهة الداخلية لإسرائيل.
- إن وتيرة الاغتيالات المركزة التي هي أكبر كثيراً من وتيرة تعافي منظومة القيادة والتحكم لدى حزب الله هي إنجاز مهم للغاية. وبعد اغتيال الشخصية الثانية في حزب الله، فؤاد شكر، الصديق المقرب من حسن نصر الله، والرجل الذي كان ينفذ أوامره، انتقلت صلاحياته إلى شخصين آخرين، إبراهيم عقيل وعلي كركي. الأول انتقل إلى العالم الآخر، أمّا الثاني، فوضعه غير واضح.
- إن سلسلة الاغتيالات تقوض كثيراً حزب الله، ويجب الإكثار من هذه العمليات كلما سنحت الفرصة الاستخباراتية. وهنا، يجب أن نشدد على أنه على الرغم من الضرر الكبير الذي لحق بحزب الله، فإنه لا يزال هناك قادة، فالحزب كبير جداً.
- ومع ذلك، كيف يمكن أن نفسر الحدود الضيقة لعمليات حزب الله حتى الآن مقارنة بقدراته؟ يمكن التقدير أن حزب الله يقيس الخسائر ويقيم الوضع؛ فمهاجمة سلسلة القيادة والتحكم ربما جعلت عمل هذه القيادة أكثر تعقيداً. لكن يجب ألاّ نوهم أنفسنا، فخلال وقت قصير، حزب الله سيفهم الواقع، وسيجد نصر الله نفسه أمام خيارين أساسيَين: الأول، توسيع دائرة النار، وإطلاق النار على مناطق جديدة، كغوش دان، وربما بصورة مدروسة نسبياً، لكن أكبر مما شهدناه حتى الآن. أمّا الثاني، فهو أن يفهم نصر الله أنه في وضع صعب ويقرر الذهاب حتى النهاية، وفي حالة كهذه، نحن أمام حرب شاملة.
- كلمة أخيرة عن الجبهة الجنوبية، وخصوصاً قضية المخطوفين والأداة السياسية التي يجب أن تستكمل الخطوات العسكرية؛ الآن بصورة خاصة، ومع الزخم الذي لدينا في الشمال، يجب بدء التفكير في مزج العمل السياسي بالعمل العسكري، ومعرفة نقطة الذروة للعمل العسكري التي نُدخل عندها الأداة السياسية. وإذا لم نفعل ذلك الآن، فإننا سنكتشف كما جرى في الجنوب أن الأمر تأخر كثيراً.
- وبالإضافة إلى الناحية الأخلاقية والقيمية، وصعوبة أن نتخيل ما تمر به عائلات المخطوفين الـ101 الذين لا يزالون في جحيم غزة، عندما يرون كل الاهتمام موجهاً اليوم إلى الشمال، والخوف من إبعاد الموضوع عن جدول الأعمال، فإن هناك أيضاً ناحية استراتيجية. يجب التشديد على أهمية الاستراتيجيا في مرحلة كهذه، ويمكن أن تكون هذه أيضاً استراتيجيا للخروج من المعركة من الشمال وقطع الترابط بين الجبهات بعد الضربات العنيفة التي تعرض لها حزب الله. يجب أن نصنع فرصة مهما تكن ضئيلة من أجل الدفع قدماً بصفقة في الجنوب الآن بالذات.