العملية البرية في لبنان تصب في مصلحة نتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بعد مرور سنوات على حرب لبنان الثانية، أجريت مقابلة مع  وزير الدفاع آنذاك عمير بيرتس، قال لي فيها: "كل مَن يعتقد أنه حقق نصراً في نقطة معينة خلال حدث معين مخطىء". وتابع: "من المذهل أن العملية الأكثر بطولةً وأهميةً، والتي استغرقت 48 ساعة، تحولت إلى شيء روتيني". قصد بيرتس في كلامه السرعة التي تبدد فيها تأثير العملية التي بدأت بها حرب تموز/يوليو 2006، والتي جرى خلالها تدمير صواريخ "فجر" التابعة لحزب الله، والتي كانت مخبأة في منازل سكنية. وهذا ما يدفعنا إلى التفكير في اغتيال حسن نصر الله  وسائر كبار المسؤولين. إنجازات مذهلة، لكن إذا لم تُترجم بسرعة إلى واقع مختلف على الأرض، فإنها ستتآكل وتختفي.
  • بعد الحرب، سيكون من المفيد أن نفهم الفجوة غير المفهومة بين قدرات حزب الله التي جرى الحديث عنها طوال أعوام وبين قدراته في هذه المواجهة، من رئيس الحكومة، وصولاً إلى آخر صحافي، وُصف حزب الله بأنه تنظيم يمكنه إطفاء الأضواء عندنا، وشلّ الخدمات الحيوية، والقضاء على  قواعد سلاح الجو، وتدمير الأبراج السكنية. وصُورت المواجهة معه على أنها ضرب من الجنون؟
  • حتى اغتيال فؤاد شُكر "رئيس أركان" حزب الله، كان يبدو أن الحزب، ببساطة، لا يريد استخدام قوته. بعد اغتياله، بدا أن قدراته ليست كما جرى تقديرها. أين القدرة على إطلاق 2500-3000 صاروخ دفعة واحدة؟ أين الصواريخ الدقيقة التي ستنطلق معاً، ويكفي أن يجتاز خمسة من هذه الصواريخ الدفاعات الجوية الإسرائيلية لكي تتسبب بضرر غير مسبوق بالجبهة الداخلية؟
  • التفسيران اللذان قُدما حتى الآن ليسا مُقنعين. عمليات الجيش الإسرائيلي كانت مذهلة ومكثفة، لكن جيش "الإرهاب" المكون من عشرات الآلاف من المقاتلين ومئات الآف الصواريخ، كان من المفترض أن يكون مستعداً لإطلاق كثيف للصواريخ، حتى لو خسر 50% من قدراته، ويجد صعوبة في التواصل.  التفسير الآخر هو أن إيران لم تعطِ موافقتها على مثل هذه الحرب، هو أيضاً تفسير واه. لقد أطلقت إيران 200 صاروخ باليستي على إسرائيل للرد على العملية الإسرائيلية ضد حزب الله، بينما كانوا يدّعون أن ما سيجري هو العكس: حزب الله سيرد بقوة على أيّ هجوم إسرائيلي على إيران.
  • هل أخطأنا في تقدير قدرات حزب الله؟ وهل ما يجري هو جولة أُخرى ضد السلاح غير التقليدي الذي لم نجده في العراق؟ النقطة المهمة هي أنه في الوضع الحالي، من الصعب أن نرى كيف سيُترجم التفوق العسكري الواضح إلى واقع أفضل في المستقبل المنظور. وقال بيرتس في المقابلة أيضاً: "مَن يبحث لنفسه عن صورة انتصار في صراع مع تنظيم ’إرهابي’ لن يجدها. ففي النهاية، ستثبت الخلية الأخيرة التي تنجح في إطلاق الصاروخ الأخير أنها لا تزال حية، وبصحة جيدة".
  • وحتى في السيناريو الأفضل، أي أن يواصل حزب الله "فقط" إطلاق الصواريخ، مثلما هي الحال الآن، وتواصل إسرائيل هجومها، وتتقدم العملية البرية بنجاح، هل سيؤدي هذا إلى نقطة يستطيع فيها سكان الشمال العودة إلى منازلهم؟ وحتى إطلاق الصواريخ الحالي لا يمكن قبوله. علاوةً على ذلك، عندما سيخرج الجيش الإسرائيلي من القرى الشيعية، مَن سيدخل إليها؟
  • بالنسبة إلى بنيامين نتنياهو، إن عملية برية تستمر أسابيع هي أمر مطلوب: فهي تسمح له بالبقاء، ولا يجري خلالها تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بينما جنودنا الأبطال في الجنوب اللبناني، وطبعاً، سيأتي طلب إقالة محامي الدفاع عنه من المحكمة الإقليمية في القدس، فكيف يمكنه تقديم شهادته في ذروة حرب شديدة؟  كما أن رداً  كبيراً على  إيران يزيد في تصعيد الوضع يصب  في مصلحته أيضاً. في المقابل، بالنسبة إلى الجمهور، من الممكن استخدام رافعة الرد على إيران وضُعف حزب الله من أجل محاولة التوصل الآن إلى اتفاق وقف إطلاق نار يقطع الصلة بين غزة ولبنان، ويُبعد حزب الله، ويطالب بوصول قوة دولية أكثر فعالية إلى المنطقة.