دوامة الهجوم والهجوم المضاد ستستنزف الردع الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • عشية ما يبدو أنه ضربة إسرائيلية ضد إيران، رداً على ضربتها المباشرة قبل عيد رأس السنة، من المهم النظر إلى المواجهة المباشرة ما بين الدولتين، والتفكير بعمق في نتائجها وما سيحدث لاحقاً.
  • خلال جولتَي القتال الأخيرتَين والوحيدتَين حتى الآن، كانت يد إسرائيل هي العليا. فخلال الضربة الأولى، أطلقت إيران على إسرائيل نحو 500 سلاح من أنواع مختلفة، والنتيجة كانت اعتراضها جميعها تقريباً. أمّا في الضربة الثانية، فحاولت إيران استخلاص العبر من الفشل، وأطلقت نحو 180 صاروخاً باليستياً. هذه الضربة أيضاً اصطدمت بالجدار الحديدي الذي وضعته إسرائيل.
  • لا يدور الحديث هنا حول إنجاز تكتيكي إسرائيلي فقط، بل عن نجاح استراتيجي. كانت قدرة إيران المباشرة والأساسية ولا تزال في منظومة المسيّرات والقذائف والصواريخ؛ هذه المنظومة تلقّت ضربة كبيرة، في الوقت الذي حافظت إسرائيل على قدراتها الهجومية التي ما تزال مجهولة.
  • الإنجاز الإسرائيلي الاستراتيجي الآخر، والذي لا يقل أهميةً عن الإنجاز العسكري، هو بناء ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة مع دول عربية، ساعد في الدفاع عن إسرائيل. وهذا دليل آخر على قوة التهديد، ليس إزاء إسرائيل فقط، بل أيضاً إزاء الشرق الأوسط برمته، وحتى أبعد من ذلك، وعلى الأهمية الكبيرة لبناء تحالف ضد التهديد في أوساط الدول في الإقليم والولايات المتحدة.
  • الإنجاز الإسرائيلي كبير جداً، وتم تحقيقه في مجال الدفاع، وأيضاً الهجوم. لذلك، بعد الهجوم الأول، اعتقدت أنه على الرغم من الهجوم الأولّي، والرغبة الإسرائيلية لديّ ولدى غيري في تدفيع إيران الثمن في الأملاك والقدرات والأرواح على أرضها، فإن الإنجاز في مجال الدفاع يعوض أيّ رد هجومي إسرائيلي.
  • بعد الهجوم الإيراني الثاني، يمكن التساؤل عمّا إذا كان الرد من أجل الرد هو خطوة صحيحة على الصعيد الاستراتيجي. هل هناك حاجة إلى الرد بعد جولتين؟ هذه الأسئلة يجب أن تُطرَح، هل الخطوة الإسرائيلية التالية يجب أن تكون تكتيكية، أم استراتيجية. في نظري، في حال بقيت الضربة - الرد في الإطار التكتيكي، يمكنها أن تُلحق الضرر بقدرة الردع الإسرائيلية أكثر مما يمكنها تعظيمها.
  • إذا قام الجيش بتنفيذ هجوم محدود لمنع التصعيد، فسيضيّع الإنجاز الدفاعي. وإذا ضرب البنى التحتية العسكرية والمدنية بشكل واسع، فسيكون على إيران الرد، وستجد إسرائيل نفسها أمام نوع من أنواع حرب الاستنزاف الطويلة التي ستضر بها وتكون خطِرة جرّاء الضربات والرد عليها. لا يجب الوصول إلى هذه المصيدة التي يمكنها أن تستنزف الإنجاز الإسرائيلي على صعيد تقوية الردع.
  • لذلك، فإن الموضوع الوحيد الذي يجب وضعه على الطاولة هو الموضوع الاستراتيجي: الخطة النووية الإيرانية، واحتمال التهديد الوجودي الوحيد لدولة إسرائيل. يجب على الجيش والحكومة التركيز على هذا المجال. على الصعيد الاستراتيجي الشامل، وليس التكتيكي، يجب الامتناع من التركيز على البعد التكتيكي فقط.
  • تتفق أغلبية الأشخاص المعنيين بالموضوع على أنه بهدف إلحاق الضرر الكبير بالقدرات النووية الإيرانية، يجب أن يكون هناك تعاون وطيد مع الولايات المتحدة. يبدو أن هذا التعاون غير ممكن عشية الانتخابات، لكن قد يكون ممكناً بعد الانتخابات هناك.
  • من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستلتزم، بعد الانتخابات، ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، لكن من الضروري لإسرائيل أن تحاول. حتى ذلك الوقت - كل خطوة هجومية أُخرى من طرفنا ضد إيران ستكون رداً تكتيكياً فقط  على هجوم إيراني فاشل.
  • شعر النظام في طهران بالقوة الإسرائيلية في الدفاع، ورأى قدراتها الهجومية في غزة ولبنان، وأيضاً في اليمن، حيث تقوم إسرائيل بقطع أذرعه الطويلة. لذلك، لا يجب على إسرائيل أن تفكر الآن فيما يمكن القيام به، وهو يشبه ما قامت به أصلاً. عليها أن تنظر إلى المستقبل، نحو التهديد الحقيقي.