الدولة الفلسطينية لن تنهي النزاع، بل ستزيده حدةً
تاريخ المقال
المصدر
- "أنا فخور بأن أكون ابن الشعب الفلسطيني"، هذا ما قاله عضو الكنيست أيمن عودة من على منبر الكنيست عندما طرح اقتراح قانون بشأن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية" على جدول الأعمال، وهو ما أثار غضب العدد القليل من أعضاء الكنيست الذين كانوا حاضرين في القاعة، وخصوصاً من حزب الليكود. قبل يوم، ومع بدء الدورة الشتوية للكنيست، وقف الأعضاء العرب في الكنيست للرد، بغضب، على اقتراح القانون الذي طرحه عضو الكنيست يولي إدلشتاين بشأن قطع علاقة إسرائيل بالأونروا، وهاجموا الاقتراح والدولة، ودعوا إلى إقامة دولة فلسطينية.
- هذا الظهور "الاستفزازي" لأعضاء الكنيست من العرب الذين انضم إليهم عوفر كسيف، يزيد في حدة السؤال: ماذا يفعل أعضاء كنيست عرب في الكنيست الإسرائيلي؟ لم نرَهم في الجلسة الاحتفالية التي ألقى خلالها رئيس الحكومة ورئيس المعارضة، ورئيس الدولة خطابات. هم يأتون في يوم الأربعاء إلى الجلسة العامة، يوم تُطرح المقترحات على جدول الأعمال، ويقومون بتسخين الساحة.
- فيمَ يفكر عودة ورفاقه؟ هل يفكر في أن الكنيست سيؤيد اقتراح القانون، بينما تعارض الأغلبية فيه قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية بشدة؟ ألم تثبت تجربتنا مع "دولة غزة"، بصورة لا تقبل الشك، أن أيّ سيادة أجنبية على أرض إسرائيل تعرّض الدولة اليهودية الواحدة للخطر؟
- أكثر من ذلك، لقد اتضح أن أعضاء الكنيست من العرب هم ممثلون للسلطة الفلسطينية في الكنيست، الأمر الذي يثير حيرة النواب الإسرائيليين وجزء كبير من جمهور ناخبيهم. يسجَّل لمصلحة الجمهور العربي في إسرائيل أنه حافظ، عموماً، على ضبط النفس. وظواهر قليلة لمحاولات "إرهابية" برزت وسط هذا الجمهور من طرف أفراد جرى تحريضهم، أو التعويض عليهم. والمواطنون العرب في إسرائيل ليسوا بمنأى عن الإصابة بالصواريخ من لبنان.
- ومع ذلك، يزداد الاستغراب لأن نوابهم يزدادون تطرفاً، وتزداد تصريحاتهم حدةً من جلسة عامة للكنيست إلى جلسة. ووجودهم تحت علم إسرائيل لا يدفعهم إلى إدانة "جرائم الإرهاب"، وهم يستخدمون كلمات قاسية ضد الدولة، ويستفيدون بصورة كاملة من الديمقراطية الإسرائيلية "البريئة". ما من أحد منهم (ربما فقط منصور عباس) يقول كلاماً معتدلاً، ويدرك فعلاً في أيّ دولة يعيش، دولة عرضة للهجوم من كل اتجاه.
- هناك أشخاص من اليسار يؤيدون الحل "الوهمي" لإقامة دولة فلسطينية الذي يتمثل في "دولتين لشعبين"، والسلام في الشرق الأوسط، والبعض منهم يحنّ إلى رئيسَي الحكومة بيغن وشامير، وينسى إلى أيّ حدّ كانا معارضَين لفكرة الدولة الفلسطينية وحارباها.
- ليس لأن هذه الدولة تعرّض جوهر وجود إسرائيل والسلام في الشرق الأوسط للخطر، بل لأنها، بحسب حلم أبو مازن ورفاقه في رام الله، يجب أن تقوم في "الوطن التاريخي" للشعب اليهودي، وفي القدس الشرقية. ويكفي أن نقرأ وثائق السلطة الفلسطينية وكلام رئيسها لكي نفهم أن هذه الدولة التي ستقوم "فقط" ضمن حدود سنة 1967، هدفها أن تكون نقطة انطلاق لمواصلة "الإرهاب" ضد "المواطنين" الإسرائيليين، وصولاً إلى القضاء على دولة إسرائيل.
- نحن نقترب من القضاء على "حماس" في غزة، وعلى حزب الله في لبنان، بثمن باهظ جداً مع سقوط أفضل أبنائنا، لكن العدو كلما تلقى الضربات، كلما شعر بأنه منتصر. والدليل على ذلك، ازدياد الكلام في واشنطن وعندنا أيضاً عن الحاجة إلى قيام دولة فلسطينية. إن قيام مثل هذا الكيان سيشكل إنجازاً كبيراً لـ"حماس" وبداية تحقيق الرؤيا الإسلامية الشيعية "من النهر إلى البحر". وبعد 7 أكتوبر تحديداً، كان يجب أن تزداد المعارضة لدينا لقيام مثل هذه الدولة.
- ازدادت الكراهية الكبيرة لإسرائيل واليهود وسط المسلمين المتشددين، وخصوصاً الشيعة. وهي تحمل لهجة معادية للسامية واضحة ومدعومة من المتظاهرين في الغرب. بالنسبة إلينا، لا يقتصر الموضوع على أمن إسرائيل فقط، بل يشكل خطراً وجودياً. وهذا يتعلق، قبل كل شيء، بالارتباط التاريخي للشعب اليهودي بوطنه. من الجيد أنه يوجد لدينا شخص مثل ديفيد فريدمان الذي يذكر الكثير من الحقائق في كتابه "دولة يهودية واحدة"، ومن المؤسف أن صوته يُسمع أقلّ من صوت عاموس شوكين [مدير عام "هآرتس" الذي أثار ضجة كبيرة في محاضرة له في لندن عن الفلسطينيين بوصفه لهم بأنهم مقاتلون من أجل الحرية]، والذي يبرر لـ"المقاتلين الفلسطينيين من أجل الحرية" الذين يلحقون بنا الخراب.
- يعرف العرب الفلسطينيون من خلال دعايتهم الناجعة كيف يغذّون "حقهم" ويخترعون "التاريخ" منذ أيام الكنعانيين، ويتحدثون عن "نهب الأرض على يد الحركة الصهيونية"، وهم يقنعون، حتى كامالا هاريس، التي الويل لنا إذا جرى انتخابها. في المقابل، فإن تاريخنا يزيد عن 3000 عام، والمحفوظ في الكتب، لا يجري استيعابه جيداً لدى شبابنا. يتحدثون عن الأمن فقط، وينسون الحقوق والتراث.
- إن " حلّ الدولتين" لا يشكل حلاً، ولن ينهي النزاع، بل سيُفاقمه. وأعضاء الكنيست من العرب، الذين ينتهكون قسَم الولاء للدولة بصورة صارخة، يدركون ذلك جيداً.