فرص اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان ضئيلة، لكن الاتفاق ضروري
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

المؤلف
  • هل هناك فرصة حقيقية لوقف إطلاق النار في لبنان؟ الوقف الموقت للقتال في لبنان ضروري، بالنسبة إلى إسرائيل، من أجل تنظيم صفوفها من جديد واستخلاص الدروس والتفكير في الخطوات المقبلة. يكون وقف إطلاق النار دائماً هشاً، لكنه أفضل من الأعمال العدائية. يتجرأ حزب الله على إعلان "نصر كبير"، لكنه يجد نفسه معزولاً. لقد خسر قيادته وجزءاً كبيراً من مقاتليه، ومن الترسانة العسكرية الضخمة التي كانت لديه، ومن الصواريخ المدمرة، وقبل كل شيء، خسر ثقة اللبنانيين، بعد الجروح البليغة التي تعرضوا لها والتخلي عنهم، لم يعد في إمكانهم الاعتماد على أن حزب الله سيدافع عن بلدهم، وسيعيشون بسلام. مع ذلك، علينا أن نكون واقعيين، يجب ألّا ينخدع أحد بنيّات حزب الله الحقيقية. نحن نعلم جيداً تكتيكاته وخِدعه. سيستعد الحزب لجولة ثانية من الصراع الإسلامي ضد الدولة اليهودية. وعلينا أن نمنع ذلك بكل الوسائل الممكنة.
  • خلال ثلاثة عقود كانت هذه الميليشيات الشيعية هي المسؤولة، إلى حد بعيد، عن مِحن اللبنانيين وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.. فرض الحجر على حزب الله يتيح طيّ الصفحة والتخلص من عبء ثقيل، ووضعَ حد لـ"الإرهاب" اليومي... هذا الأمر يتعلق بإيران، وبمدى إصرار الرئيس الأميركي والضمانات الغربية، لكن قبل كل شيء، يتعلق بردع إسرائيلي قوي. ويتعين على الجيش الإسرائيلي الرد على كل خرق من دون تردد، أو رحمة.
  • اللجنة الخماسية ستراقب وقف إطلاق النار. لقد أشاد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بالمشاركة الفرنسية الحاسمة من أجل التوصل إلى الاتفاق، وقال: "هذا نجاح دبلوماسي فرنسي نستطيع أن نفتخر به". كذلك، شدد بارو على الدور الحيوي الذي قامت به فرنسا بفضل علاقاتها التاريخية الخاصة بلبنان، الدولة التي كانت في الماضي تحت الانتداب الفرنسي. وستقوم فرنسا بدور أساسي في مراقبة الاتفاق، وستكون مسؤولة عن تطبيقه وتحقيق الأمن على طول الخط الأزرق. من الواضح أيضاً أن فرنسا ستتحمل مسؤولية أساسية في حال فشل وقف إطلاق النار وتجدّد القتال.
  • إن وقف إطلاق النار ليس مثالياً، لكنه ضروري لسكان البلدات الإسرائيلية المحاذية للحدود. وتجدر الإشارة إلى ان الاتفاق الموقّع لا يتطرق إلى سورية، أو إلى الميليشيات العراقية واليمنية، وسيكون للجيش الإسرائيلي دائماً حرية تنفيذ غارات.
  • من الناحية الدبلوماسية، يتيح وقف إطلاق النار خوض المعركة ضد أوامر الاعتقال الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية، ومنع صدور قرار عن مجلس الأمن، مُلزم وبالإجماع، ورفع الحظر عن السلاح والعتاد من الولايات المتحدة. وهذه الفترة هي موقتة وهشة، لكنها قد تضع الأسس لترسيخ علاقات جيدة مع الدول العربية المجاورة لإسرائيل، وخصوصاً مع السعودية. وأيضاً يسمح وقف إطلاق النار بتقليص مهمات الجيش الإسرائيلي، وتسريح آلاف الجنود الاحتياطيين، والسماح بالسيطرة على الوضع الأمني في الضفة الغربية وإحباط الهجمات، وتركيز الجهود على تحرير الرهائن والتوصل إلى حل براغماتي ومستدام للمشكلة الإنسانية في غزة. وسيكون من الأسهل تحسين العلاقات مع مصر، ومع السلطة الفلسطينية.
  • على الصعيد الدولي، إن اتفاق وقف إطلاق النار منطقي وحكيم لأنه يأتي عشية دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ومنذ انتخاب ترامب، أجرى نتنياهو معه خمس مكالمات هاتفية مثمرة. وحتى الآن، ثمة اتفاق بينهما على ما سيأتي لاحقاً.
  • بناءً على ذلك، يتعين على إسرائيل إظهار براعتها الدبلوماسية ونيتها الحسنة، لا أن تثبت قدراتها العسكرية وصورتها العدوانية. تجربة الغرب في فيتنام، وفي أفغانستان والعراق، واحتلال بيروت بالدبابات الإسرائيلية في سنة 1982، أمور كلها أثبتت استحالة إسقاط أنظمة بقوة السلاح، أو القضاء قضاءً مبرماً على حركة دينية، أو أيديولوجية متشددة.
  • على جميع هذه الصعد، يمكن لاتفاق وقف إطلاق النار أن يساعد إسرائيل، بشرط تنفيذه مثلما هو. سيؤدي خرق الاتفاق من طرف حزب الله، أو تنظيمات "إرهابية" أُخرى، إلى ردّ قوي من الجيش الإسرائيلي، وفي مثل هذه الحالة، لا يمكن لأيّ جهة دولية التنديد بشرعية الغارات الإسرائيلية. يجب أن يفهم حزب الله وإيران أن وقف إطلاق النار هو اختبار في الميدان، وليس اتفاقاً من موقع ضعف. ولا يزال وقف إطلاق النار هو الحل الأفضل لمنع الأسوأ.
  • في مواجهة التوترات والتهديدات القريبة والبعيدة، والضغوط الدولية، والتهديد بفرض عزل على إسرائيل، حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة: يجب انتهاج سياسة متجانسة واستراتيجيا شُجاعة تأخذ في الاعتبار فقط مصالح دولة إسرائيل وأمن مواطنيها.
  • إن اتفاق وقف إطلاق النار ليس اتفاق سلام فُرض قسراً. فإسرائيل اليوم في موقع قوة، ويمكنها فرض مسار التحركات من أجل ضمان الاستقرار في الشمال أعواماً كثيرة. أيضاً التهدئة البعيدة الأجل ستمنع غرقاً لا لزوم له للجنود الإسرائيليين في الوحل اللبناني، مع كل تداعيات ذلك على المجتمع الإسرائيلي بأكمله.
  • ويتعين على إسرائيل استغلال كل الفرص واستخدام كل الأدوات للتدخل بسرعة، إذا حدث خرق للاتفاق. وهذه المرة، ستحصل إسرائيل على الشرعية، وعلى تأييد إدارة ترامب، لزيادة عملياتها البرية، أو هجماتها الجوية، وخصوصاً ضد إيران.

 

 

المزيد ضمن العدد