حلم السنوار يتحقق: هل تعود السلطة الفلسطينية إلى السيطرة على غزة؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • إذا عادت السلطة الفلسطينية في إطار ترتيبات لصفقة مخطوفين ووقف إطلاق "موقت" للنار إلى غزة، فإن هذا سيحقق حلم السنوار ويفتح الباب من جديد أمام توحيد غزة والضفة. ومن سيحكم في النهاية السلطة الموحدة؟ تحلم "حماس" والسلطة في الحصول على جزء من قسيمة المليارات من الدولارات المخصصة لإعادة إعمار غزة، لكن الرابح الأكبر هي مصر، الوسيط "المحايد"، والتي يهمها أمر واحد فقط؛ أن تبقى غزة مشكلة إسرائيلية، وألاّ تضطر إلى أن تستوعب مواطناً واحداً من غزة.
  • في المؤتمر الصحافي، سُئل نتنياهو: "لماذا لم يتم انهيار السيطرة المدنية لـ ’حماس‘ حتى الآن؟"، لكن جوابه الغريب لم يحظ بالاهتمام من طرف الإعلام والسياسيين... إذ أجاب: "لماذا لم نقضِ على قدرات ’حماس‘ كسلطة...؟ لقد بحثنا عن وسائل لتوزيع المساعدة الإنسانية عبر العشائر، فقتلوهم في البداية، والآن هناك عشائر أُخرى تقوم بذلك. نحن نبحث عن وسيلة للقيام بذلك بصورة شاملة، لأنك لا تستطيع التخلص من حُكم ’حماس‘ وترْك الحركة توزع الحاجات الأساسية إلى السكان، كالغذاء والمياه. يجب علينا أن نأخذ هذه الأمور منها، ونحن نعمل الآن على انتزاع السيطرة من ’حماس‘ والقيام بالمهمة."
  • إن كل كلمة من أقوال نتنياهو تدل على خطأ جوهري في فهم الوضع الحالي في غزة، لكن الأخطر من ذلك أن كلامه يذكّر بدقة بما قيل قبل عام بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتبرير نتنياهو في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" نقْل حقائب المال القطري إلى القطاع بـ "كنا نريد منْع انهيار الوضع الإنساني جرّاء الجوع والمرض وأمور أُخرى... أردنا إضعاف ’حماس‘ لا تقويتها." ومرة أُخرى كما في سنة 2018، يعود إلى النظرية القائلة إنه إذا ما اهتممنا فقط بالسكان ومنعنا "حماس" من الاهتمام بالأمور الإنسانية، فسينهار حُكمها...
  • إن "حماس" لا تسيطر على غزة بسبب سيطرتها على الغذاء، إنما العكس هو الصحيح؛ "حماس" تسيطر على غزة لأن سيطرتها المدنية لا تزال قوية وسط السكان. وفي الأسبوع الماضي، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى الاعتراف في إفادة خطية إلى المحكمة العليا قائلاً: "في النقطة الزمنية الحالية، لا يملك الجيش السيطرة الفعلية على السكان، وما زال التنظيم ’الإرهابي‘ يحتفظ بسيطرته الحكومية التي على الرغم من تضررها، فإنها لم تدمَر بالكامل."
  • وبفضل سيطرتها على غزة، فإن "حماس" تسيطر على أسعار المواد الغذائية وتربح من ذلك مالاً كثيراً. ولقد أنشأت "حماس" مؤخراً "وحدة سهم" إلى جانب الشرطة المحلية، من أجل مراقبة أسعار المواد الغذائية في الأسواق...
  • طوال فترة حكم "حماس" منذ سنة 2007 في القطاع، واصلت كيانات حكومية تابعة للسلطة الفلسطينية العمل في القطاع، والاهتمام بموضوعات الصرف الصحي والمياه، وكانت "حماس" على الدوام متحمسة لإعطاء الآخرين، كالأمم المتحدة، مهمة الاهتمام بالجانب المدني ما دامت هي مَن يحرك الخيوط ويوجهها من وراء الكواليس (كالتأثير في مضمون المواد التعليمية).

الورقة المصرية الرابحة: صفقة مخطوفين

  • ... تبدو مصر وسيطاً محايداً يحرص فقط على المخطوفين، لكن لها مصلحة سياسية خاصة، وهي إبعاد نفسها عن غزة، وإبعاد غزة عنها، فبالنسبة إليها، فإن غزة مشكلة إسرائيلية لا مصرية. وحتى عندما طالب السادات باستعادة كل سنتيمتر من أراضي سيناء في مقابل اتفاق سلام (ولجأ إلى التحكيم الدولي للحصول على بضعة أمتار في طابا)، فإنه تخلى عن غزة.
  • يعرف المصريون من هم الغزّيون، ولا يريدونهم عندهم، لذا، فقد طالبت مصر دائماً بربط غزة بالضفة، وإنشاء دولة فلسطينية، وكل من يشاهد شبكة الأسوار التي بنتها مصر على الحدود مع رفح يدرك أن مصر لا تريد علاقة مع غزة. والآن، ومع مطالبة "حماس" في المفاوضات بإعادة فتح معبر رفح، رأت مصر في ذلك فرصة؛ فعلى الرغم من أنه واضح للجميع أن "حماس" ما زالت تسيطر على السكان في غزة بيد من حديد، فإن نتنياهو لا يستطيع الاعتراف بصورة رسمية أنه يعطي من جديد المفاتيح في معبر رفح إلى سلطة "حماس"، لكنك في حاجة إلى من يقف في المقدمة.
  • لقد عثرت مصر على الطرف الملائم؛ وهو السلطة الفلسطينية التي يمكنها العودة إلى معبر رفح، بحسب الاتفاق الموقع من الوزيرة تسفي ليفني مع السلطة سنة 2005. وستكون السلطة الوجه الجميل غير "حماس" على معبر رفح، وهكذا، ستتمكن مصر من تحقيق الأمر الأهم من أي شيء آخر؛ التخلص من غزة. بفضل 7 تشرين الأول/أكتوبر، يمكن أن تعود الضفة وغزة كياناً سياسياً واحداً تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله.
  • حتى "حماس" مسرورة من الترتيب الجديد، لأن توحيد غزة والضفة فتح بالنسبة إليها الطريق إلى السيطرة على غزة من وراء الكواليس (كما يسيطر حزب الله على الحكومة اللبنانية)، وفي المستقبل، وبعد انتخابات "ديمقراطية"، يمكنها السيطرة قانونياً على السلطة الفلسطينية كلها. وماذا عن إسرائيل؟ سنواصل الكذب على أنفسنا بأننا دمرنا سلطة "حماس" في غزة، وأقمنا سلطة مستنيرة بديلة تهتم بالصرف الصحي والمعابر. هل من أجل هذا ضحينا بدماء جنودنا؛ هل من أجل إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على معبر رفح؟

 

 

المزيد ضمن العدد