يجب وقف الكارثة والخروج من حالة اللامبالاة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • منذ بداية الحرب، أُغلقت غزة أمام وسائل الإعلام، باستثناء جولات تجري بحماية الجيش الإسرائيلي، لكن يومياً، تصل شهادات بشأن ما يحدث هناك. بدءاً من تقارير وتصريحات المنظمات الدولية، مروراً بتقارير الصحافيين، ووصولاً إلى طوفان الفيديوهات والشهادات التي تُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي.
  • والصورة التي نحصل عليها مفزعة. مليونا نسمة من سكان غزة، هم من الأبرياء، في أغلبيتهم المطلقة، يعيشون كارثة إنسانية تُعد من أخطر الكوارث في العالم اليوم، إذ اقتُلع نحو 90% منهم من منازلهم، ويتكدسون في مدن من الخيام الضخمة، من دون مواد غذائية كافية، ومن دون مياه نظيفة، ومن دون خدمات طبية، أو صحية، ومن دون وسائل لمواجهة فصل الشتاء؛ بينما يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه الذي يؤدي إلى وقوع عشرات القتلى، تقريباً بشكل يومي، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء؛ لقد انهار النظام الاجتماعي ومنظومات الدعم الاجتماعي، وفقدت أغلبية سكان غزة الإحساس بالأمان الشخصي، وبالكرامة، والحياة الشخصية، وخسروا أملاكهم والأمل بالمستقبل. وخسروا كل ما يجعل الفرد إنساناً.
  • منذ بداية الحرب، تشرح إسرائيل أن استمرار الحرب يهدف إلى تفكيك قدرات "حماس"، وأنها أنشأت منطقة إنسانية يمكن لأهالي غزة اللجوء إليها لإنقاذ حياتهم. لكن مؤخراً، كثّف الجيش الإسرائيلي قصفه المنطقة الإنسانية، وقتل العشرات من المدنيين. وفي الأمس، اعترف الجيش الإسرائيلي لـ"هآرتس" بأن المقصود لم يعد منطقة آمنة، بل مناطق "أكثر أمناً" من مناطق أُخرى في القطاع. إن حكومة نتنياهو الدموية، التي جرّت إسرائيل إلى أفظع كارثة في تاريخها، فشلت في الحرب أيضاً، وفي القدرة على ضمان أمن مواطنيها، من خلال المحافظة على القانونين الإسرائيلي والدولي، وعلى صورة إسرائيل ومكانتها في العالم، وعلى العمود الفقري الأخلاقي للمجتمع الإسرائيلي. وبدلاً من ذلك، تأمل حكومة إسرائيل من المجتمع الإسرائيلي بالاكتفاء بالانتقام على حساب عشرات الآلاف من المواطنين في غزة ، وعلى حساب 100 مخطوف إسرائيلي. في غضون ذلك، تُظهر أغلبية الإسرائيليين لامبالاة مذهلة إزاء الكارثة التي ترتكبها الحكومة باسم هؤلاء. وأكثر من ذلك، تُظهر وسائل التواصل الاجتماعي فرحة الآلاف منهم بالمعاناة الإنسانية المروعة في غزة.
  • سيأتي اليوم الذي سيضطر فيه المجتمع الإسرائيلي إلى النظر إلى ما يحدث  في غزة. فالهجوم المريع في 7 أكتوبر والحاجة إلى محاربة "حماس" لا يبرران كل عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع. في هذه الأثناء، تمر إسرائيل بأكثر المراحل حساسيةً في تاريخها، وتقف أمام مسارين: مسار سيؤدي إلى موت المخطوفين واستمرار جرائم الحرب ودائرة الدم والانتقام، وعزلة دولية وأزمة اقتصادية عميقة. ومسار ثانٍ، سيؤدي إلى إنقاذ المخطوفين الذين ما زالوا أحياء، ووقف الحرب، والبدء  بإعادة الإعمار في إسرائيل وغزة. في هذه اللحظة، على الجمهور الإسرائيلي الخروج إلى الشوارع ومطالبة الحكومة، بكل الوسائل غير العنفية، باختيار المسار الصحيح.