الضم برعاية الإرث الثقافي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • جرى نقاش خلال الأسبوع الماضي في "لجنة التربية والتعليم" في الكنيست بشأن تخويل سلطة الآثار العمل في الضفة الغربية. للوهلة الأولى، يبدو النقاش كأنه هامشي، لكنه يشكل خطوة إضافية في طريق فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. عضو الكنيست عميت هاليفي، الذي بادر إلى التعديل، افتتح النقاش بخطاب ملحمي عن حاجة إسرائيل الرسمية إلى تحمُّل المسؤولية عن الآثار الموجودة في هذه المنطقة من البلد.
  • وادّعى هاليفي أن المواقع اليهودية في خطر جرّاء "سرقة الآثار وعمليات السلب من طرف السكان الفلسطينيين". صحيح، ومن دون شك، أن هناك مشكلة سرقة آثار وتدميرها في المنطقة. ومن المهم الإشارة إلى أن المسؤول عن قضايا الآثار في الضفة الغربية في إطار الإدارة المدنية، بني هار إيفن، كان موجوداً في الجلسة، لكن مَن بادر إلى النقاش، قال في البداية إن "أبونا إبراهيم لا يجب أن يكون تحت حكم عسكري"، ولذلك، يتوجب على إسرائيل الرسمية أن تكون مسؤولة عن هذه المواقع في المنطقة.
  • هار إيفن عارض تعديل القانون هذا، إلى جانب ممثلين من مجلس علم الآثار والأكاديمية القومية الإسرائيلية للعلوم. عملياً، عارض المستوى المهني كله هذه الخطوات، بدوافع مختلفة، حتى إن ممثل سلطة الآثار، الجهة التي يُفترض أن تكون مسؤولة عن الآثار، بحسب التعديل، لم يفهم سبب إجراء هذا التعديل. ومن المهم الإشارة إلى أن القانون الدولي، مثل اتفاقية لاهاي بشأن حماية الإرث الثقافي في حالات النزاع المسلح، يمنع إخراج هذه الآثار من منطقة النزاع. هدف هذا التعديل واضح، ويتخطى حدود علم الآثار، أو الحفاظ عليها، أو منع سرقتها. الهدف واحد، وهو فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، إنها خطوة إضافية في مشروع الضم الإسرائيلي الزاحف.
  • في هذا السياق، من المهم التوقف عند الفرق ما بين علم الآثار- وهو فرع علمي يبحث في الماضي، عبر البحث في آثار مادية؛ وبين الإرث- وهو عملية صناعة هوية اجتماعية تستعمل الماضي، ومن ضمنه علم الآثار، لبناء ذاكرة جماعية وهوية قومية. فقبل تأسيس دولة إسرائيل ذاتها، قامت الحركة الصهيونية، بزعامة بن غوريون، باستعمال الآثار للربط ما بين الجغرافيا الإسرائيلية والتوراة. هذه المواقع الأثرية استخدمها في الأساس منظّرون صهيونيون، بهدف بناء الرواية اليهودية في أرض إسرائيل، وبذلك يجري تقويض نهج الشتات، والتشديد على الاستمرارية اليهودية في أرض إسرائيل.
  • اليوم، يُستعمل الإرث لتوسيع مساحة إسرائيل الجغرافية، وهذا ما يحدث في تعديل القانون الذي نتحدث عنه. وهو أيضاً ما جرى في حالة زئيف حانوخ إرليخ الذي قُتل خلال جولة في قلعة في الجنوب اللبناني، لا علاقة لها بالإرث اليهودي، بحسب خبراء الآثار [قلعة شمع في القطاع الغربي]. لكن عندما كان أورليخ يبحث عن معنى يهودي لوضع حدود وهمية مستقبلية لإسرائيل، كان قاتله وقاتل الجنود ينتظرهم. قُتل في هذه الحادثة الضابط غور كهاتي الذي كان مسؤولاً عن تأمين أورليخ، في أثناء بحثه عن "الرابط مع الجذور في أرضنا" ورغبته في "رؤية النصوص التوراتية أمام عينيه"، هذا ما قاله ابنه خلال العزاء.
  • لكن، بالإضافة إلى تعريف حدود إسرائيل المحتملة ومحاولة خلق ذاكرة جماعية وإرث يُستعمل من أجل محو المعنى- في هذه الحالة، هو الهوية الفلسطينية. كان هناك ادعاءات في هذه الجلسة تطالب بتقزيم "الإرث الفلسطيني المخترَع" في مقابل الإرث اليهودي الموجود منذ آلاف السنين. حتى إنهم ذهبوا أبعد من ذلك، وادّعوا أن جنودنا يقاتلون أعداء يريدون إزالة السردية اليهودية من هذه المنطقة.
  • خلال الأعوام الماضية، شدد المجتمع البحثي على أهمية الإرث الثقافي، كجزء جوهري من الهوية الإنسانية. تروي المجتمعات قصصاً عن الماضي، وهي قصص تساهم في تماسُك المجتمع، وتدفعه إلى العمل المشترك. لكن حسبما يبدو من تعديل القانون هذا، يمكن استعمال الإرث من أجل السرقة ونزع الإنسانية أيضاً. لا شك في أن هناك حاجة إلى حماية الآثار التابعة لجميع الثقافات في منطقتنا. لكن علينا القيام بذلك، عبر حماية الآثار في منطقتنا. يمكن أن يكون هذا الإرث جسراً بين المجتمعات، لكن عندما يتم التعامل معه كأداة قوة وسيطرة، فإنه يفقد قيمته الحقيقية، ويصبح أداة لتأبيد الصراعات، بدلاًمن حلها.