بين أوروبا ولبنان: الضائقة قد تؤدي إلى تنازلات
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف
  • في السنوات العشر الأخيرة امتنع زعماء الاتحاد الأوروبي من زيارة إسرائيل، ولم يُعقد اللقاء السنوي للمجلس المشترك للطرفين، كإشارة إلى انتقاد الجانب الأوروبي للسياسة الإسرائيلية بشأن كل ما له علاقة بالنزاع مع الفلسطينيين. فزيارة رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين (التي تدير العمليات اليومية للاتحاد في كل المجالات) لا تعكس تغييراً في الموقف من إسرائيل. والسبب المباشر لزيارتها هو منحها شهادة دكتوراه فخرية من جامعة النقب، بينما السبب الحقيقي هو أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا، التي، من جهة، توجه الانتقادات إلى روسيا وتفرض عقوبات عليها بسبب غزوها لأوكرانيا، ومن جهة أُخرى تجد صعوبة في التخلص من الاعتماد على النفط والغاز من روسيا.
  • ويبرز هذا الاعتماد من خلال الاستيراد السنوي الذي يقدر بنحو 150 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الذي يحرك الاقتصاد الأوروبي. وكان الرئيس الأميركي وعد الأوروبيين بعشر هذه الكميات، ومن المفترض أن تزيد في السنوات المقبلة. وعلى الرغم من أن مخزون إسرائيل يقدَّر بـ1000 مليار متر مكعب، فإنها قادرة على تزويد أوروبا بـ10 مليارات متر مكعب التزاماً بقرار الحكومة تأمين كميات تكفي الاستهلاك المحلي في العقود المقبلة.
  • إن الضائقة الأوروبية هي ضائقة راهنة، ولا يشكل مد أنبوب من الحقول البحرية لإسرائيل إلى أوروبا حلاً عملياً، وبالتالي فإن استخدام منشأة عائمة لتسييل الغاز تقوم بضخه إلى الناقلات هو حل فوري وممكن، وشركات الغاز في إسرائيل وأوروبا قادرة على مواجهة هذا التحدي. وإلى حين وصول مثل هذه المنشأة يجب زيادة الكميات التي يجري ضخها (4.5 مليار متر مكعب سنوياً) إلى مصر، التي لديها منشآت لتسييل الغاز ثابتة تتلاءم مع القدرة المحدودة للأنبوب الموجود حالياً بينها وبين إسرائيل.
  • كان يجب سماع كلام فون دير لاين خلال حفل منحها الدكتوراه الفخرية كي ندرك التاريخ المشترك والمعقد والصعب، لكن الغني، بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. ومن الجيد وجود مصالح مشتركة الأساس فيها هو الدفع قدماً بالانتقال إلى الطاقة الخضراء، التي لإسرائيل مساهمة كبيرة فيها.
  • في هذه الأثناء، وخلال عقد من العلاقات السياسية المجمدة مع الاتحاد الأوروبي، استمر النزاع بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم حدود المياه الاقتصادية الخالصة. فلبنان لم يرد حتى الآن على اقتراح الحل الأميركي المقدم سنة 2012 بشأن توزيع المنطقة المختلف عليها، والتي تقدر مساحتها بـ860 كيلومتراً مربعاً. علاوة على ذلك، ومن دون أن يكون لذلك صلة بالنزاع مع إسرائيل، تسببت الحكومات اللبنانية بأزمة طاقة حادة تتجلى في ساعات الكهرباء المعدودة التي يحظى بها اللبنانيون يومياً، وحتى الآن لم يستخرج لبنان متراً مكعباً واحداً من الغاز الطبيعي.
  • وفي خضم ضائقته توجه لبنان إلى مصر والأردن وسورية للموافقة على تدفق الغاز في الأنبوب العربي الذي يمر في أراضيهم. وإذا جرى ذلك من المفيد أن يفحص لبنان ما إذا كان هذا من الغاز الذي تصدّره إسرائيل إلى الأردن ومصر. كما توجه لبنان في أزمته إلى الولايات المتحدة كي تستأنف وساطتها مع إسرائيل بشأن الحدود البحرية، وهناك مسؤول رفيع من الإدارة الأميركية موجود الآن في المنطقة لهذه الغاية. ونأمل أن تؤدي هذه الضائقة الاقتصادية في لبنان إلى الاستعداد لتقديم تنازلات منصفة ومنطقية.

 

 

المزيد ضمن العدد 3812