إذا كانت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين إرهابية، فأنا افتخر بأنني إرهابية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • مثل كثيرين في البلد وفي العالم، ومثل إدارة جو بايدن، أدهشني إعلان وزير الدفاع بني غانتس أن ست منظمات اجتماعية فلسطينية – منظمات معروفة بالدفاع عن حقوق الإنسان - هي منظمات إرهابية. بين هذه المنظمات هناك منظمة "الحق"، وهي منظمة للدفاع عن حقوق الفرد، المعروفة دولياً، والتي حصلت على العديد من الجوائز؛ ومنظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين DCIP (منظمة دولية للدفاع عن حقوق الطفل، فرع فلسطين)؛ ومنظمة "الضمير"، وهي منظمة قانونية تقوم بالدفاع عن المعتقلين والأسرى الأمنيين.
  • من دواعي سروري أن لهذه المنظمات المهمة والغالية العديد من المدافعين المخلصين. وآمل أن يشعر كثيرون مثلي بأن هذه الخطوة هي خطوة خطِرة أيضاً بالنسبة إلى الذين يفضّلون التعامل مع خطوات "حكومة التغيير" بقدر من التسامح.
  • كوني أعرف عن قرب منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين وحرصها على سلامة الأطفال الذين تعتقلهم إسرائيل، وتقوم بتمثيلهم أمام النيابة العامة، وتقدم لهم الدعم خلال العملية القانونية ضدهم، وتساعدهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة بعد إطلاق سراحهم من السجن الإسرائيلي، أعتقد أن إعلان هذه المنظمة شبه المقدسة منظمة إرهابية هو مثل إعلان مجلس الدفاع عن الطفل فرعاً لتنظيم القاعدة، ومثل الادعاء بوجود الظلام في الخارج عند الظهيرة. وجنون النظام هذا لا يطاق ولا يُغتفر.
  • بالاستناد إلى المواد العلنية القليلة التي اعتمد عليها الإعلان لدى اعتباره DCIP منظمة إرهابية، تبرز أولاً الحملة التي قامت بها ضد إسرائيل واتهامها بالإساءة إلى الأطفال الفلسطينيين المعتقلين. وبالفعل إسرائيل تسيء إلى الأطفال الفلسطينيين المعتقلين. آلاف الأطفال الفلسطينيين يُعتقَلون سنوياً بفضل ممارسات وأفعال كل واحد منها هو انتهاك جوهري وجذري لحقوقهم (بدءاً من اقتحام منازلهم ليلاً، وتقييد أيديهم وعصْب أعينهم، ومنعهم من الحصول على مستشار قانوني خلال التحقيق، وصولاً إلى التهديدات والإهانات واستخدام العنف خلال التحقيقات).
  • نعم، إسرائيل تسيء إلى الأطفال، وإلى أفراد عائلاتهم، وإلى مجتمعات كاملة. وإذا كانت الحجة هي الإرهاب فأنا أفتخر بأنني إرهابية. من خلال عملنا في منظمة "أهالي ضد اعتقال الأطفال" نحن نفضح هذه الممارسات كي يدرك كل أب وكل أخ وأخت وعم أو جد أن هذه الإساءات تجري باسمنا جميعاً، نهاراً وليلاً، ضد العديد من الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. نحن على اطلاع على الأرقام وعلى تقارير منظمة DCIP، ونعتمد عليها وعلى أرقام منظمات أُخرى. نحن نعرف ونقدّر عمل الأشخاص الشجعان في هذه المنظمة ونؤيدها ونعتمد على المعلومات الموثوق بها التي تنشرها، ونأمل أن تحظى بموارد كثيرة كي تتمكن من توسيع نشاطها.
  • لم نسمع حتى الآن أي توضيح من وزارة الدفاع يتعلق بالأسباب الملموسة التي صدر بسببها هذا الإعلان الدراماتيكي الذي يغير وجه الحقيقة من عدة نواح. ولقد استمعت على مضض وبكل أسف إلى البيان الوضيع الذي نشرته منظمةNGO Monitor في الإعلام وادّعت فيه أن منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين حاولت الدفع قدماً باقتراح قانون من طرف عضو الكونغرس بيتي ماكهولم، "يطالب بوقف المساعدة الأمنية إلى إسرائيل". ماكهولم تحاول الدفع قدماً بفرض قيود على المساعدة المقدمة إلى إسرائيل من خلال تشريعات في الولايات المتحدة تمنع القوى الأمنية في إسرائيل من استخدام أموال المساعدة في اعتقال أطفال فلسطينيين. هي لم تدعُ إلى وقف المساعدة، ولا إلى خفضها، بل أرادت أن تضمن للذين يدفعون الضرائب في الولايات المتحدة أن هذه الأموال لا تحوَّل إلى أعمال يحرّمها القانون الدولي (شرعة الدفاع عن حقوق الطفل) والقانون الإسرائيلي بحد ذاته. نحن نعيش في عالم مجنون يحول مَن يدافع عن حقوق الأطفال، ويعمل من أجلهم وينقذهم من إرهاب الدولة الممنهج الذي يمارَس ضدهم، إلى إرهابي.
  • هناك استخفاف باستخدام مصطلح إرهاب لدى وصف خطوات تمس بحياة أشخاص عُزّل من أجل الدفع قدماً بأجندة سياسية. أكثر من ذلك: هناك استهزاء حقيقي بالصراع الحقيقي الذي يجب القيام به ضد الإرهاب من أي نوع كان.
  • إعلان وزير الدفاع هو بمثابة هدية إلى التنظيمات الإرهابية الحقيقية. ويشكل ضربة للنضال الفلسطيني السلمي من أجل الحرية والاستقلال. إذا كانت منظمة DCIP منظمة إرهابية، فماذا نسمي الميليشيات المسلحة التي تؤذي الأطفال؟ وماذا نسمي التنظيمات التي تحرم الأولاد حقوقهم وتشكل خطراً على سلامتهم وأمنهم؟ إذا كانت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين منظمة إرهابية، فكيف نصف الجيش الإسرائيلي؟