منصور عباس قام بمجازفة إذا فشلت سيكون لها تداعيات على ثقة الجمهور العربي بالمنظومة السياسية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • حصول حكومة بينت - لبيد على الثقة يشكّل منعطفاً مهماً في الساحة السياسية في إسرائيل. الرغبة في استبدال رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو أدت إلى تحالفات كانت حتى الآن تبدو شبه خيالية في الساحة السياسية - إنه عيدٌ للديمقراطية لا يمكن تجاهله.
  • لكن من بين الأخطاء السائدة في الساحة السياسية الخطأ الذي يعتبر أن المواطنين العرب ينظرون هم أيضاً إلى الحكومة من وجهة نظر إسرائيلية. معسكر التغيير ومؤيدوه يعتقدون أن على العرب أن يقولوا لهم شكراً لكونهم شركاء في العيد. فعلياً هم لا يجدون أنفسهم متماهين مع ما يعتبرونه احتفالاً ديمقراطياً - يهودياً – صهيونياً. هم يتطلعون إلى تعزيز الجانب الديمقراطي بمعناه الواسع، والذي يعتمد على قيم عالمية من العدالة والمساواة والحريات وتقرير المصير وتقليص العنصرية والتمييز، والسعي لتسوية سياسية وحل عادل للنزاع.
  • في الساحة الفلسطينية تابع أمس الفلسطينيون عن كثب التطورات في الكنيست. أداء نفتالي بينت القسم احتل فعلاً العناوين الأولى - لكن سقف التوقعات منه منخفض للغاية. في رام الله استمعوا جيداً إلى خطابه، ما تضمنه وما لم يتضمنه. وفهموا أن كل ما ستسعى له الحكومة هو مشاريع اقتصادية "لتخفيف الاحتكاك وتقليص النزاع"، ولم ترِد كلمة واحدة عن التسوية، ولم يُذكَر حل الدولتين ولو رمزياً، ولم يأتِ ذكر الحدود. لقد أشار بينت إلى أن حكومته تمثل المواطنين "من عوفرا وحتى تل أبيب"، أي أن دولة إسرائيل هي كتلة واحدة من البحر إلى نهر الأردن. على الرغم من كل ذلك، سيُطلب من الفلسطينيين في المرحلة المقبلة الانضباط والتهذيب، والجلوس بهدوء ورص الصفوف مع حكومة التغيير حتى يجري استبدال نتنياهو نهائياً كما  جرى في انتظار مغادرة ترامب.
  • في المجتمع العربي تبدو الصورة أكثر تعقيداً. زعيم راعام منصور عباس ألقى خطابه بالعربية وتحدث عن تغيير جوهري في الساحة الفلسطينية، وقال: "نريد التأثير في السياسة والاستراتيجيا من الداخل." كما تحدث عن إنجازات مهمة ورفض الادعاءات أن المقصود هو "فتات". زميله في الكتلة سعيد الخروبي لم يقبل ذلك واختار الامتناع من التصويت – ونقل رسالة إلى عباس وبينت ولبيد مفادها أن الخطوات ضد النقب لن تكون موضع ترحيب. موقفه ليس معزولاً في راعام ويشكل تحدياً لعباس. بدءاً من هذا الصباح سيُعتبر عباس شريكاً في كل خطوة تبادر إليها الحكومة في الساحة الفلسطينية أو في مواجهة الجمهور العربي. من ناحية أُخرى، سيكون ملزَماً بتحقيق وعوده والتأثير في سياسة الحكومة. بالنسبة إليه وإلى راعام فإن هذا يمكن أن يكون مجازفة بحياته السياسية وبحياة الحكومة. إذا حقق نتائج حقيقية سيحتل مكاناً مركزياً في قيادة الجمهور العربي. وإذا فشل، سيكون لذلك تداعيات بعيدة الأجل على ثقة الجمهور العربي بالمنظومة السياسية. وما يعتبره كثيرون اليوم إنجازاً تاريخياً سيسجَّل على أنه هزيمة تاريخية.