الضم، فعل متسرّع يتمّ عن هوس إشعال حرائق بمباركة ترامب
تاريخ المقال
المصدر
- صفقة القرن لترامب التي سيجري برعايتها ضم الضفة الغربية وغور الأردن بشكل ما من الأشكال - ليست متقنة. العكس هو الصحيح. لكن مَن يريد استخدامها للدفع قدماً بمكوناتها الجيدة بالنسبة إلى إسرائيل يجب ألّا يختار تحديداً الضم من طرف واحد. الضم قد يراعي اليمين المسياني في المدى القصير، لكنه ينطوي على أذى استراتيجي في كل المجالات: الأمنية، والسياسية، والاقتصادية والقانونية.
- المنطق في أساس صفقة القرن، والذي بحسبه لا يمكن تجاهل الواقع الناشىء على الأرض، يخدم مصالح إسرائيل. هو أيضاً يقرب الاعتراف الفلسطيني بأن الزمن لا يعمل لمصلحتهم. لذا على حكومة إسرائيل استغلال الخطة، على الرغم من عيوبها- للدفع قدماً من أجل نشوء واقع كيانين سياسييين منفصلين بعضهما عن بعض، مع المحافظة على شروط تسوية مستقبلية.
- الضم من طرف واحد بمعزل عن هذا السياق هو عموماً سيئ لإسرائيل. حكومة نتنياهو تقف أمام فعل متسرّع ينمّ عن هوس إشعال حرائق بمباركة الرئيس ترامب. تفصيلات الخطوة غامضة وغير واضحة بصورة مقصودة، وبحسب التقارير، لم يجر مسبقاً العمل على أعمال تخطيط وطاقم ملائم قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة المصيرية. ما يجري هو خطوة ليس لها هدف استراتيجي، تضر بأمن الدولة وبمصالحها الوطنية.
- خبراء وأصحاب تجربة أمنية في الماضي وفي الحاضر أيضاً يقولون: ضم 30% من الضفة الغربية لا فائدة منه، وينطوي على مخاطر أمنية خطيرة لا ضرورة لها. مثلهم إسرائيليون كثيرون آخرون يرون في الضم انحرافاً عن الرؤية الأساسية لإسرائيل كدولة يهودية، آمنة وأخلاقية، مع حدود معترف بها وشرعية دولية.
- خطوة كهذه، في تقدير الأمنيين من المتوقع أيضاً أن تعرض علاقات السلام مع الأردن ومصر للخطر، وأن تؤدي إلى عنف وإرهاب، ومعارضة وعقوبات من أصدقائنا، ووقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وانهيارها. ولاحقاً الغرق في وحل ثورات وهجمات، وسيضطر الجيش الإسرائيلي حينئذ إلى الدخول إلى مراكز البلدات الفلسطينية وإدارة حياة ملايين الفلسطينيين.
- اتّصف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في معظم العقد الأخير بأنه رجل أمني معتدل. هو لم يعد كذلك. الدمار والخراب القضائي والقانوني والاجتماعي الذي زرعه في السنوات الأخيرة والتفريق والتحريض أدخله إلى دوامة اليمين المسياني أيضاً في مسألة "فرض السيادة" على مناطق الضفة الغربية وغور الأردن. الاتفاق الائتلافي الذي وُقّع في نيسان/أبريل يدل على أن الذين تتعارض نظرتهم السياسية- الأمنية مع الضم الأحادي الطرف انضموا أيضاً إلى هذه الدوامة.
- حتى عندما يكون الجمهور غير مبال ولا يجري حديث عن التداعيات المحتملة للضم، يجب على قيادة مسؤولة أن تخطط كما يجب لواقع دولتين لشعبين، وهو أفضل للدولة ولأمنها القومي ومناعتها الداخلية، من خلال الإنهاء التدريجي والآمن والمسؤول للسيطرة على الشعب الفلسطيني. حينئذ تنتقل إسرائيل من صيانة الوضع القائم والسيطرة على كل مكان في المنطقة، مع كل التداعيات البعيدة الأمد، إلى بلورة الواقع وتحديد الحدود، ولو بصورة موقتة، حول المستوطنات الأساسية.
- وفي الواقع، مخطط التسوية الإقليمية في تسوية طويلة الأمد بسيط: كتل المستوطنات الكبيرة التي تشكل نسبة محدودة من أراضي الضفة الغربية، تُضم إلى إسرائيل في مقابل تبادل مناطق، وتصبح جزءاً لا يتجزأ من حدودها المعروفة، ويسكنها اليوم نحو ثلاثة أرباع المستوطنين في الضفة الغربية. حدود الأمن الشرقية ستكون نهر الأردن، وستحتفظ إسرائيل بالسيطرة عليها لوقت ما لكن ليس إلى الأبد. في أي اتفاق مستقبلي، إذا وصلنا إلى ذلك، ما يجب أن يوجه اعتبارات إسرائيل هو ما سيجلب لها الأمن، وليس تحديداً مكان هذه المستوطنة أو تلك. المقصود هو الانفصال عن الفلسطينيين من خلال قيام دولتين قوميتين، للمحافظة على إسرائيل كدولة ديمقراطية وآمنة للشعب اليهودي، وليس من خلال الضم الذي سيؤدي إلى نهاية المشروع الصهيوني.