اتصال واحد من أبو مازن بالبيت الأبيض يوقف قطار الضم
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- هناك شخص واحد في إمكانه أن يوقف ضم المستوطنات ومناطق واسعة من الضفة الغربية المخطط له في الأول من تموز/يوليو، وهو محمود عباس. الجهد المطلوب من الرئيس الفلسطيني ليس كبيراً: عليه الاتصال، أو إرسال واتس أب أو رسالة إلكترونية إلى البيت الأبيض، وطلب اجتماع بالرئيس دونالد ترامب، يعلن خلاله موافقته على استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل على أساس "خطة القرن". من شبه المؤكد أنه بعد مثل هذا الإعلان، سيطلب ترامب من نتنياهو وقف الضم والدخول في مفاوضات على حل دائم تفصيلي، تقام في نهايتها دولة فلسطين.
- لكن عباس يكتفي بالإدانات المعتادة لإسرائيل والولايات المتحدة، وبالتهديدات الفارغة بشأن "وقف التنسيق الأمني" في الضفة. هو لا يبدي أي إشارة أو تلميحاً أو استعداداً للعودة إلى المفاوضات لقاء كبح الضم. موظفون إسرائيليون وأميركيون يرسمون خريطة المنطقة في الضفة، التي ستُضم إلى إسرائيل من دون مشاركة أي فلسطيني في النقاش. وهذا لايهم عباس. فهو سيتعرف على الخريطة بعد توقيعها ونشرها، بدلاً من أن يطلب مراعاة [المواقف الفلسطينية] مسبقاً.
- لحظة؛ لحظة سيقول المنتقدون عن أي شيء تتحدث؟ لنبدأ بانتقادات من اليسار ترى موافقة فلسطينية على أي نقاش لخطة القرن، وحتى فقط صورة عباس مع ترامب أو نتنياهو، هي بمثابة إذلال قومي رهيب. سيقولون إن الخطة تخدم مصلحة إسرائيل وبصعوبة تترك فتاتاً للفلسطينيين، ويبررون باسم الكرامة لامبالاة رام الله ورفضها. إذن، ما هو وضع الفلسطينيين حالياً بينما المجتمع الدولي مشغول بالكورونا، وبالأزمة الاقتصادية، وبالمواجهة بين أميركا والصين؟ نسوهم تحت الاحتلال الإسرائيلي وانتقلوا إلى شيء آخر.
- للتذكير: منظمة التحرير برئاسة عرفات وعباس رفضت لنفس التبريرات كل اقتراحات السلام السابقة، بتشجيع من يساريين إسرائيليين يحلمون باستبدال الصهيونية بدولة واحدة قائمة على المساواة بين نهر الأردن والبحر. لكن موازين القوى في المنطقة لا تدفع قدماً بهذا الحلم، بل تميل بوضوح إلى مصلحة إسرائيل- كما يدل عليه انكماش الأرض والصلاحيات السيادية التي اقترحتها خطط السلام الأميركية على الفلسطينيين في الـ20 عاماً الأخيرة. هل سيواصل الفلسطينيون عنادهم إلى أن يتبخّر القليل الذي حصلوا عليه من المجتمع الدولي؟
- ننتقل الآن إلى الانتقاد من جانب الوسط الذي بحسبه أن محادثات السلام أصلاً لن تصل إلى شيء، لذا خسارة تضييع الوقت في مناورات فارغة. ليس هناك شك في أن الفجوات في المواقف كبيرة جداً، والإصرار الدولي على فرض حل ضعيف جداً، والثقة بين الطرفين معدومة. لكن حتى في هذه الظروف الصعبة هناك أهمية لعملية سياسية تحدد على الأقل الفوارق بين الليكود وأزرق أبيض، وتعيد الحديث الداخلي في إسرائيل بشأن مستقبل المناطق والاحتلال في غياب مفاوضات مع الفلسطينيين. الجدل السياسي في إسرائيل يجري فقط في داخل اليمين، وبين رئيس الحكومة ومجلس يهودا والسامرة، وعلى مسألة ما هو الأفضل، البناء في المستوطنات المعزولة، البناء بعد الضم صعوداً نحو الأعلى، أو أيضاً بشكل توسعي.
- هذا لا يهم عباس. هو على ما يبدو يفضل أن يقوم نتنياهو بالضم، المهم بالنسبة إليه هو أن يتجنب اللقاء غير السار بينه وبين ترامب. لكنه يخطىء عندما يتوهم أن الضم سيضر بإسرائيل، وأن الأردن سيلغي اتفاق السلام، والعالم العربي سيتوحد مجدداً من أجل الفلسطينيين، وأن جو بايدن سيلغي وعود ترامب، وغانتس سيحل محل نتنياهو. ربما هو متعب، ومع ذلك لديه 26 يوماً كي يغير رأيه ويوقف قطار الضم.