•الهجوم الذي وقع يوم الأربعاء بالقرب من باب العمود في القدس، يمكن أن يشير إلى مرحلة جديدة في موجة الارهاب التي يطلق عليها الإعلام "انتفاضة الأفراد". لم يعد ما يجري هجوم مخرب أو مخربة مسلحين بسلاح أبيض فقط، مثل أغلبية الهجمات التي وقعت حتى الآن. هذه الخلية كانت مسلحة بأسلحة متنوعة وجاءت من شمال السامرة [منطقة نابلس] وتحركت بطريقة ذكية.
•ظاهرة "ارتفاع درجة" في خطورة الهجمات وتالياً في رد الجيش الإسرائيلي، كانت ميّزت "الانتفاضات" السابقة. فعلى سبيل المثال، بدأت الانتفاضة الثانية بالمئات من حوادث الشغب المترافقة مع إطلاق نار، وتسببت بإصابات قليلة نسبياً في الجانب الإسرائيلي. وبعد بضعة أشهر بدأت موجة الهجمات الانتحارية التي لم تخمد إلا في أعقاب عملية "السور الواقي" [التي شنها أريئيل شارون على الضفة سنة 2002].
•هل سيعتبر هجوم هذا الأسبوع مرحلة جديدة في موجة الإرهاب التي بدأت وفقاً لتأريخ المؤسسة الأمنية في تشرين الأول/أكتوبر 2015؟ من المبكر معرفة ذلك. ولكن في هذه الأثناء، فإن الهجوم الاستثنائي يطرح أسئلة إضافية.
من يقف وراء الهجوم؟
•مثل الهجمات السابقة في موجة الإرهاب الحالية، من الصعب على قوات الأمن الإشارة إلى انتماء تنظيمي [لمنفذي الهجوم]. "حماس" تشجع الهجمات، لكن بنيتها التحتية [في الضفة] خاضعة لمتابعة متواصلة ليس من الجانب الإسرائيلي فقط، ولكن أيضاً من جانب قوات الأمن الفلسطينية التي تعتبر الحركة عدواً مراً.
•وبناء على ذلك، يمكن افتراض أن خلية جنين التي نفذت الهجوم في باب العمود، تحركت بـ"إلهام" من، وليس بتوجيهات من، قيادة ما. وجاء "إلهام" القيام بالهجمات بعد التحريض المستمر في الإعلام الفلسطيني على الرغم من تراجع حدته في الأسابيع الأخيرة، ومن نداءات "حماس" ولا أقل من ذلك من عناصر تنظيم داعش الذين يعتبرون أبطالاً لدى العديد من الشباب.
كيف وصل المخربون إلى القدس؟
•من دون شك، هذا هو السؤال الأساسي الذي يشغل الشاباك بعد الهجوم. كيف اجتاز المخربون جدار الفصل ووصلوا إلى المدينة القديمة؟ والهدف من الجدار هو إغلاق الفجوة قبل أن تتسلل منها خلايا جديدة.
•ومع ذلك، تدرك المؤسسة الأمنية دائماً أن أي خلية مصرّة ستجد وسيلة لاجتياز أي جدار، سويّة مع مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعبرون يومياً من جانب إلى آخر. فما لم يُفرض إغلاق كامل على المناطق وعلى تخوم الجدار وفي القدس الشرقية، فإن هناك آلاف من الشباب يمكن أن يقوموا بالهجوم المقبل.
هل كانت القوة [الأمنية] ملائمة للمهمة؟
•إن شرطة إسرائيل المسؤولة عن الأمن الداخلي ضمن حدود الخط الأخضر وفي القدس، في حالة تأهب قصوى منذ أشهر طويلة. لقد أظهرت جنديات حرس الحدود "المجندة حديثاً" اللواتي تدخلن في المواجهة عند باب العمود، برودة أعصاب وروحاً قتالية وهن يستحققن كل تقدير. والسؤال المطروح على قادتهن هو: هل يجب نشر قوات أكثر تدريباً في منطقة المدينة القديمة في ضوء الارتفاع في خطورة الهجمات وتطورها.
هل يجب فرض حصار على المناطق؟
•هناك تخبط كبير في المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي بشأن هذه المسألة. والراهن حتى الآن هو أن أضرار فرض أي حصار ستكون أكثر من فوائده، لأنه حتى الآن هناك نسبة قليلة من الجمهور الفلسطيني متورطة في موجة الإرهاب وتمارسه، في حين أن الحصار سيزيد البطالة دفعة واحدة وسيدفع مئات الآلاف نحو الإرهاب.
•وبناء على ذلك، يستخدم في هذه المرحلة الحصار الموضعي بما يتناسب مع تحذيرات من هجمات، مثل الحصار الذي فُرض على منطقة رام الله فقط في الأيام الأخيرة.
هل الوضع في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] يشبه ما كان عليه أيام الانتفاضة الثانية؟
•بالتأكيد لا، فالفروق كبيرة. قبل 15 عاماً لم يكن هناك جدار فصل والسلطة الفلسطينية حينها برئاسة عرفات شجعت الهجمات. اليوم يوجد تعاون مع قوات الأمن الفلسطينية، ويجب عدم الاستخفاف بأهميته.
•بالإضافة إلى ذلك، قبل 14 عاماً خسر الجيش أكثر من 20 مقاتلاً في أثناء احتلال مدينة جنين التي انطلق منها المخربون يوم الأربعاء. اليوم ليست هناك حاجة إلى أكثر من بضع سيارات جيب عسكرية من أجل القيام باعتقالات في المدينة.
•لذا وعلى الرغم من التحريض على الهجمات و"الإلهام" الذي يدفع الشباب إلى القيام بها، فإن الوضع الأمني اليوم أفضل بما لا يقاس نسبة إلى ما كان عليه عشية عملية "الجدار الواقي" في آذار/مارس 2002.