•لقد أصبح واضحاً الآن أن الروس جاؤوا كي يبقوا سنوات طويلة. فقد بدأ الجيش الروسي ببناء قاعدة لوجستية مركزية كبيرة على أراضي المنطقة العلوية جنوبي مدينة اللاذقية.
•حتى الآن انتشر الروس في مطار "حميميم"، انتشاراً جوياً محدوداً لا يتعدى سربين من الطائرات الحربية، وقوة برية محدودة للدفاع عنها.
•حالياً بدأ الروس بناء قاعدة برية كبيرة سيجمعون فيها كل العتاد الذي يصل إلى سورية جواً وبحراً، وجميع الوحدات العسكرية الروسية التي ستصل إلى سورية. والمقصود هو منطقة روسية خالصة تبلغ مساحتها عشرات الكيلومترات، نوع من "روسيا صغيرة"، لا يُسمح للسوريين أو لأي طرف آخر في سورية بالدخول إليها.
•ويشبه الاتفاق لبناء القاعدة البرية الروسية الكبيرة الذي وافق عليه الحكم السوري قبل شهر، الاتفاق الذي وقع بين سورية وروسيا في 25 آب/أغسطس الماضي بشأن موضوع الانتشار في مطار "حميميم". وجاء في الاتفاقين أن الروس الموجودين في هاتين القاعدتين سيحظون بحصانة دبلوماسية بما في ذلك حصانة جنائية، ولن يحق للسوريين تفتيش أي روسي لدى مروره في الجمارك، كما يمنع دخول السوريين إلى المنشآت الروسية- إلا بعد الحصول على موافقة قائد المنشأة الروسية.
•في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015 ألمح ضابط رفيع في شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، أن الروس ينوون إقامة قاعدة جديدة على أراضي سورية إلى جانب قاعدة حميميم، تضم مكونات من [أسلحة] الجو والبحر والبر. وأدى نشر هذه التصريحات إلى رد غاضب وتكذيب قاطع من جانب الناطقة بلسان الرئاسة الروسية. وكان الروس أوضحوا قبل خمسة أشهر لدى دخولهم إلى سورية أنهم ينوون البقاء هناك لفترة محدودة لا تتجاوز أشهراً معدودة.
•تدل إقامة قاعدة برية كبيرة على تغيير في السياسة الروسية في المنطقة وعلى نية للبقاء طويلاً هناك، مع قوات عسكرية أكبر بكثير من تلك الموجودة الآن على أرض سورية.
•يفرض هذا الأمر على الدول المجاورة لسورية - ومنها إسرائيل - أن تأخذ في اعتبارها من الآن فصاعداً الوجود العسكري الروسي في المنطقة كأمر واقع يفرض عليها سلوكاً عملياتياً معيناً مختلفاً عن الماضي.
•وفي تقدير المؤسسة الأمنية في إسرائيل أن مفاوضات جنيف للتوصل إلى تسوية في سورية لن تؤدي إلى مصالحة في فترة قريبة، وأن عدم الاستقرار وسفك الدماء في سورية سيستمران. حتى الآن يعتبر الروس أنهم تكبدوا في سورية "عدد إصابات معقول" (على الرغم من امتناعهم عن نشر الأرقام الدقيقة)، الأمر الذي يوفر لهم حتى الساعة دعماً شعبياً داخلياً لمواصلة عملياتهم في سورية. وفي الأسبوع الماضي سجل الروس إنجازين مهمين في الحرب: مساعدة الجيش السوري في احتلال ريف حلب؛ والسيطرة على الشيخ مسكين جنوب سورية غير البعيدة من الجولان.
•في نظر إسرائيل، إن وجوداً عسكرياً روسياً في المنطقة ليس بالضرورة أمراً سلبياً لأن الروس - الذين بينهم وبين الإسرائيليين قنوات حوار مفتوحة- يشكلون عنصر استقرار في مقابل أطراف معادية مثل حزب الله والحرس الثوري.
•والتقدير هو أن القاعدة العسكرية الروسية الكبيرة تهدف قبل كل شيء إلى تقليص التحركات اللوجستية في الجو والبحر، حيث ينقل الروس كميات هائلة من السلاح إلى سورية أسبوعياً من طريق الجو والبحر. وهذه منظومة لوجستية معقدة وتتطلب حماية كبيرة. ويسعى الروس إلى تقليص عدد الجولات اللوجستية من أجل توفير نفس أطول في المعارك، سواء بالنسبة للجيش السوري الذي يستفيد من هذا السلاح أو للقوات الروسية.
•وفي مقابل إقامة القاعدة المركزية في المنطقة العلوية، جرى الحديث عن بناء الروس في الفترة الأخيرة مطارين صغيرين معدين للهبوط الطارئ، ولأفراد القوات الخاصة العاملة في سورية، أحدهما في القامشلي- بالقرب من الحدود التركية- والثاني في مطار شعيرات القريب من حمص.