•ينبغي إعادة القراءة عدة مرات كي يصدق المرء: أن محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي قررت شطب حركة "حماس" من لائحة التنظيمات الإرهابية. فالحركة التي أُدرجت على اللائحة قبل 11 عاماً، شطبت بالأمس. واستناداً إلى الأوروبيين، فإن هذه الخطوة إجراء بيروقراطي فقط، والاتحاد الأوروبي لم يغير موقفه فعلاً.
•إليكم بعض الحقائق الصارخة. تخطط "حماس" للقضاء على إسرائيل، وكل أعمالها تهدف إلى تحقيق هذا الغرض. وكأنه لم تمر أربعة أشهر على إطلاق "حماس" آلاف الصواريخ على مواطني إسرائيل وكان هدف مطلقيها قتل أكبر عدد من الأبرياء ومن بينهم أطفال.
•قد يكون رمزياً أو ساخراً أو مأساوياً أن تأتي هذه الخطوة تحديداً في اليوم الذي ينشر فيه توماس فريدمان مقالاً في "نيويورك تايمز" يقول فيه بشكل قاطع: "الإسرائيليون سئموا من نتنياهو لأنه لا يقدم لهم طريقاً آخر". لنترك جانباً للحظة هذا الكلام غير الصحيح الذي يتعارض مع استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، التي تشير إلى أن نتنياهو هو المرشح الأكثر ملاءمة لقيادة الدولة وإلى عدم وجود اقتناع بأن لدى الطرف الثاني من يستطيع دفع الفلسطينيين نحو تسوية تاريخية. ومن المناسب أن نتساءل، كإسرائيليين وبوصفنا جزءاً من شعوب العالم، إلى أين يتجه زعماء العالم الغربي فيما يتعلق بتنظيمات الإرهاب، ليس لأن المقصود هو الدفاع عن دولة إسرائيل الديمقراطية فقط، بل لأن المقصود بصورة أساسية هو الدفاع عن العالم الحر كله.
•إن وجه أوروبا والعالم الغربي آخذ في التغير شيئاً فشيئاً، فموجات المهاجرين من دول إسلامية تعطي القارة المزدهرة طابعاً مختلفاً تماماً عن طابعها قبل سقوط جدار برلين. ويبدو أن انفتاح أوروبا هو الذي قد يتسبب بنهايتها، والتسامح إزاء الإرهابيين قد يقود إلى ذلك. وليس من قبيل المصادفة تكرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون مواقفهما الداعية إلى ضرورة عدم الخضوع للإرهاب ومحاربته بأي طريقة، وإلى أن يجري التدقيق جيداً بهوية كل من يهاجر إلى القارة. من هنا، فإن قرار محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي بمثابة خطوة إلى الوراء ويشكل رسالة مقلقة ومناقضة لهذا الكلام.
•يبدو أن مشكلة الاتحاد الأوروبي تعود إلى تركيبته المعقدة وغياب سياسة موحدة بين الدول الأعضاء فيه. ففي تموز/يوليو 2013 فقط تذكرت دول الاتحاد أن تصنّف حزب الله كتنظيم إرهابي، ليس لأن الحزب قتل إسرائيليين وأوروبيين، بل بسبب تورطه في الحرب الأهلية في سورية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك السياسة اللينة التي ينتهجها القادة الأساسيون في الاتحاد في هذه الأيام خلال المفاوضات مع إيران بشأن مشروعها النووي.
•لم يأت قرار المحكمة من فراغ، بل جاء بعد أن اعترفت عدة دول أوروبية بفلسطين من دون التفكير في عِبر الماضي. إن الحواجز التي تعترض السياسة الخارجية الإسرائيلية آخذة في الازدياد بعد الطلب الذي قدمه الفلسطينيون للاعتراف بهم إلى الأمم المتحدة. ومثلما حدث في الماضي، فإن هذا التحدي يتطلب قيادة حقيقية شجاعة ومبدعة.