قانون القومية سيدمّر الأسس التي أرستها الحركة الصهيونية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•لم نشهد من قبل اعتداء شاملاً وخطيراً وعميقاً إلى هذا الحد على الصهيونية. ما هو قانون القومية؟ إنه قانون معاد للصهيونية يدمّر المفهوم المركّب والدقيق والحيوي للدولة اليهودية الديمقراطية، ولأن الأساس اليهودي لحياتنا يقوم على الأساس الديمقراطي، فإنهما كلاهما سيكونان معرّضان للاضمحلال. لذا يجب المحافظة على التوازن الدقيق بين هذين الأساسين. هذا ما فعله هيرتسل، وجابوتنسكي، وبن غوريون في أيامهم. وهذا ما فعله أيضاً أهرون باراك، ودان مريدور، وأمنون روبنشتاين. وهكذا نمت إسرائيل دولة حرة وسط مجموعة من التناقضات. لكن الهمج في الليكود المعادين لليبرالية، والهمج في حزب البيت اليهودي المعادين للديمقراطية، لا يفهمون ذلك. ولا يستوعب قصيرو النظر من الشعبويين القوميين المبادئ الأساسية للحركة العقلانية، وعندما يتطاولون بصورة فظة على البنية المفاهيمية الفريدة لإسرائيل، فإن كل شيء سينهار.

•إن كل ما شيّد بعمل ضخم طيلة مئة عام من الصهيونية المتنورة يشوّه ويُحقّر. وما بني خلال 66 عاماً من الديمقراطية الإسرائيلية يُدنس. ومثلما يحاول المسلمون الجدد إعادة الإسلام إلى العصور الوسطى، كذلك يحاول الشوفينيون اليهود الجدد إعادة القومية اليهودية إلى عصور الظلام في القرون الماضية. لقد فقدوا صوابهم، لم تعرف الصهيونية منذ بداياتها أعداء شرسين وخطرين مثل المتشددين الذين يجلسون اليوم في القدس ويفعلون ما يحلو لهم كي يدمروا الوطن.

•وما هو الاستيطان؟ إنه مشروع معاد للصهيونية. فثمة تحديات كثيرة بالغة الخطورة أهم من هذا الموضوع تواجهها الدولة. لا يمكن المبالغة في أهمية التحدي النووي الإيراني الذي هو خطر وجودي حقيقي. كما لا يمكن أن نبالغ في التحدي الذي تنطوي عليه الفوضى العربية - وهذا خطر حقيقي لأن البُنى التي كانت تشكل مصدر استقرار في الشرق الأوسط انهارت، وتعصف  بالنظام الإقليمي دوامة لم يسبق لها مثيل. ولا يمكن المبالغة في الخطر الداخلي- وهو خطر حقيقي لأن إسرائيل صارت مجتمع قبائل متشرذمة، من دون قيم مشتركة أو تاريخ مشترك أو زعامة تستحق أن تكون كذلك. كما لا يمكن المبالغة في أهمية التحدي الاقتصادي الاجتماعي- وهو خطر حقيقي ينطوي على انهيار الاشتراكية - الديمقراطية الإسرائيلية واستبدالها بنظام من عدم المساواة الشديدة، لا يسمح بتلبية تطلعات الطبقة الوسطى، ولا يسمح للطبقة العاملة بأن تتنفس.

•لكن بدلاً من معالجة هذه التحديات الأربعة المصيرية، ننشغل بالتفاهة الحمقاء المسماة مستوطنات، والمزيد من المستوطنات أيضاً وأيضاً وأيضاً. فهل نريد حقاً خسارة الأغلبية اليهودية والبعد الأخلاقي والمشروع الصهيوني؟ وهل نريد فعلاً إخراج إسرائيل من المجتمع الدولي؟ لم تعرف الدولة منذ نشوئها أعداء أشد شراسة وخطراً من الذين يقدسون المستوطنات ويصبغون إسرائيل بلون روديسيا.

•إن سر نجاح الحركة القومية اليهودية يكمن في أنها شكلت نقيضاً حاداً للمحيط الذي نشأت وسطه. فالصحراء تحيط بنا ونحن الواحة وسط هذه الصحراء. حولنا أنظمة استبدادية ونحن ديمقراطية. من حولنا تخلف ونحن التقدم.

•لكن مجموعة الحمقى التي سيطرت على الكنيست الـ19 وعلى الحكومة الـ33 مصرة على إلغاء هذا التباين. وتحاول هذه المجموعة في هذه الفترة الأكثر حرجاً من تاريخنا أن تحولنا إلى جزء لا يتجزأ من منطقة عشائرية قومية مسيحانية وعنيفة. وما يمكن قوله إن المعادين الجدد للصهيونية الذين سيطروا على نظام الحكم، يدمرون أسس إسرائيل ويحرقون القدس ويقودوننا نحو الكارثة. 

 

 

المزيد ضمن العدد 2021