· إن الأوضاع التي سادت خلال حرب لبنان الثانية، والتي تميزت بانتهاء الأهداف المحددة من جانب قيادة المنطقة العسكرية الشمالية بعد اندلاع الحرب بيومين، لن تتكرر في غزة الآن. فالقطاع أصغر كثيراً من جنوب لبنان، كما أن "حماس"، وهذا هو الأهم، هي السلطة في غزة، الأمر الذي يجعل مؤسسات الحكم وحتى البنى التحتية أهدافاً شرعية للهجمات العسكرية. لكن على الرغم من وجود تأييد عالمي واسع لشرعية العملية العسكرية، فإن هذا الأمر قد يتغير في غضون أيام قليلة.
· في الوقت نفسه، يمكن للجيش الإسرائيلي أن يخوض حرباً برية أيضاً، وأن يواجه صواريخ القسام بصورة أكثر نجاحاً من مواجهة صواريخ الكاتيوشا القصيرة المدى من جنوب لبنان. لكن على الرغم من ذلك، فإن الشكوك التي ظل وزير الدفاع [إيهود باراك] ورئيس هيئة الأركان العامة [غابي أشكنازي] يعربان عنها، على مدار فترة طويلة، بشأن مدى قدرة عملية عسكرية على تغيير الأوضاع في غزة بصورة جذرية، لن تتغير وستبقى على ما هي عليه. بناء على ذلك، فإن هذه الشكوك تلزم إسرائيل بأن تتجاوب مع أي فرصة من شأنها أن تضع حداً للعملية العسكرية تكون مقرونة بتحقيق إنجاز واضح. وقد فوتت إسرائيل مثل هذه الفرصة بضع مرات خلال حرب لبنان الثانية.
· تندرج العملية العسكرية في غزة في إطار العقيدة الدفاعية الجديدة في إسرائيل، والتي تبلورت فعلاً في الآونة الأخيرة من دون أن تكون نتاج تفكير مدروس. وفحوى هذه العقيدة الجديدة هو أن تتصرف إسرائيل باعتبارها "دولة هوجاء" في مقابل أعداء يتبنون استراتيجيا الاستنزاف وإطلاق النار عن بعد. بكلمات أخرى: أن ترد [على مصادر إطلاق النار] بعملية كبيرة ووحشية، بغض النظر عن عدد الضحايا في صفوفها.
· غير أن مثل هذا التصرف لا يعني أن القوة ستكون لمصلحتنا دائماً. صحيح أن عملية يوم أمس مبررة، وأنها حققت نجاحاً عملانياً في أول أيامها، لكن الامتحان الحقيقي يظل كامناً في الطريقة التي سيجري استغلال هذا النجاح بواسطتها، سواء من ناحية استمرار القتال الناجع، أو إيجاد نهاية لائقة.