إسرائيل تبدأ البحث عن مخرج سياسي إلى جانب استعداداتها لشن عملية برية في قطاع غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

بعد ثلاثة أيام من بداية عملية "الرصاص المسبوك" في قطاع غزة، بدأت إسرائيل البحث عن مخرج سياسي من حالة القتال. ومن المتوقع أن تنفَّذ قريباً، على ما يبدو، عملية برية في القطاع، بهدف زيادة الضغط على حركة "حماس". لكن في الوقت نفسه، هناك رأي آخر يتبلور داخل القيادة الأمنية، وفحواه أن العملية أوشكت على استنفاد أهدافها، وأنه إذا أمكن فرض تسوية على "حماس" تكون مريحة نسبياً لإسرائيل، فمن الأفضل تبنيها على وجه السرعة.



وصعّدت "حماس" أمس، وتيرة إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على الجنوب، إذ إنها بدأت تسترد قواها من الضربة التي نزلت بها جراء الهجوم الجوي نهار السبت، كما أن الأحوال الجوية الشتوية توفر لمجموعات إطلاق الصواريخ حماية جزئية من الطائرات. وحتى ساعات مساء أمس أُطلق على الأراضي الإسرائيلية ما يزيد على 80 صاروخاً وقذيفة هاون تسببت بمقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة نحو 15 شخصاً. وفي مدينة أسدود أصيب، لأول مرة، مدنيون بصاروخ كاتيوشا طويل المدى.



وفي الوقت الذي تقوم ألوية غولاني والمظليين والمدرعات بحشد جنودها على مقربة من القطاع، كاستعدادات أخيرة لشن عملية [برية]، تمتنع إسرائيل رسمياً من البحث في وقف إطلاق نار ينهي حالة القتال. ولكن تُبذَل الآن فعلياً محاولة لإيجاد آلية تمكّن من الاتفاق على تهدئة على وجه السرعة. وهناك حوار غير مباشر ومتردد يجري مع "حماس"، من دون وسيط رسمي قوي وحازم.



ومع أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، يدعو إلى وقف إطلاق النار منذ يومين، إلا إن الاتصال بقيادة الحركة في غزة بات أكثر صعوبة. فقد توارى قادة الجناحين السياسي والعسكري عن الأنظار خشية محاولة اغتيالهم من جانب إسرائيل، كما أن شبكات الاتصالات في القطاع غير منتظمة.



وفي حال التوصل إلى تهدئة، ستطالب إسرائيل بهدوء تام طويل الأمد. وفي المدى الأبعد يبدو أنها ستوافق على إعادة فتح المعابر الحدودية، لكن الموقف الإسرائيلي لم تتم بلورته نهائياً بعد. ففي حين يعتقد قسم من الوزراء أنه يجب الاستمرار في ضرب "حماس"، يُبدي كل من وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس هيئة الأركان العامة غابي أشكنازي حذراً أكبر.



وفي هذه الأثناء، لا يزال النقد الدولي لإسرائيل معتدلاً نسبياً، على الرغم من المشاهد ‏الفظيعة التي تخلفها عمليات القصف الجوي في غزة. وفي العالم العربي لا يذرف ‏الجميع الدموع على الخسائر التي تتكبدها "حماس".‏



إن هدف العملية، بحسب ما صاغه كل من المجلس الوزاري المصغر للشؤون ‏السياسية والأمنية والجيش الإسرائيلي، هو "خلق واقع ‏أمني مغاير و طويل الأمد في الجنوب، من خلال تحسين قوة الردع الإسرائيلية". ‏ولا يستنتج الجيش الإسرائيلي من هذه الصياغة أنه يتوجب عليه أن يوقف إطلاق الصواريخ وقفاً تاماً (فهذا الهدف غير قابل للتحقيق)، وإنما أن يضرب "حماس" حتى تصبح غير راغبة في شن هجمات.‏



إن القوات البرية باتت على أهبة الاستعداد للمرحلة المقبلة. وعندما تبدأ العملية سيتسبب الوحل العميق في القطاع بعرقلة حركة الدبابات والمدرعات. ومن الواضح أيضاً أن "حماس" استعدت منذ أشهر وبصورة مكثفة للدفاع إزاء هجوم إسرائيل. وسيقترن شن العملية البرية بسقوط كثير من الإصابات. وقد لمّح وزير الدفاع إلى ذلك في الكلمة التي ألقاها أمام الكنيست أمس، ويشكل هذا الأمر جزءاً من الاعتبارات المتعلقة بمواصلة المعركة.



وفي الجانب الفلسطيني، يستعد الفلسطينيون للاحتفال بالنصر في جميع الأحوال، بغض النظر عن النتائج النهائية. فإذا ما انسحب الجيش الإسرائيلي بسرعة، من دون أن يشن عملية برية، ومن دون أن يتمكن من كبح إطلاق الصوريخ بدرجة مهمة، فستدّعي "حماس" أنها انتصرت.