· في إمكاننا الآن أن نقدم جواباً جزئياً عن سؤال يشغل الجميع وهو: لماذا لم تطلق "حماس" آلاف الصواريخ الموجودة في مخازنها؟، والجواب هو أن مواقع المعلومات تعرضت للتدمير، وهو ما أدى إلى مقتل أو جرح مهندسين وقادة وحدات صواريخ القسام ومسؤولين عن إنتاج هذه الصواريخ في المختبرات. كما أن الجيش الإسرائيلي قام بتدمير بنايات قائمة فوق مخازن الذخيرة والوسائل القتالية الموجودة في حيازة "حماس"، فبات من الصعب الدخول إليها وإخراج الصواريخ التي لم يلحق الضرر بها.
· علاوة على ذلك، أدت الضربة الإسرائيلية الأولية إلى فقدان توازن منظومة القيادة لدى "حماس". وما دام الجيش الإسرائيلي لا يجتاح غزة، فلن يكون هناك دور حقيقي لجنود "حماس". كما أن جزءاً من هؤلاء الجنود فقد وسائل الاتصال مع قادته، بينما قام جزء آخر منهم بخلع بزاته العسكرية والاختلاط بالسكان المدنيين.
· غير أن ذلك كله لا يعني أنه تم القضاء على "حماس"، بقدر ما يعني أنها فقدت توازنها، على الأقل في غضون الساعات الـ 48 الأولى من عملية "الرصاص المسبوك". وقد انعكس ذلك، ضمن أشياء أخرى، في وتيرة إطلاق الصواريخ المنخفضة على إسرائيل خلال اليومين الفائتين. كما أن هذا لا يعني أنه لن تقوم لـ"حماس" قائمة بعد الآن، ذلك بأن عملية استردادها لقوتها يبقى مسألة وقت لا أكثر، وقد لجأت يوم أمس إلى استعمال "سلاحها السري"، وهو الصواريخ التي يصل مداها إلى أربعين كيلومتراً.
· بناء على ذلك فإن الوقت الحالي هو الأكثر ملاءمة، من ناحية إسرائيل، للتوصل إلى تسوية. غير أن المؤسسة السياسية الإسرائيلية لم تعد مسبقاً آلية خاصة في إمكانها أن تعمل من أجل التوصل إلى تسوية.
· يبدو أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يعد العدة لعملية عسكرية طويلة الأمد. مع ذلك فقد تبقت لنا بضعة أيام فقط كي نجيب عن السؤالين التاليين: ما الذي نرغب في إنجازه من وراء هذه العملية العسكرية؟ وما هو الثمن الذي نحن على استعداد لدفعه من أجل هذا الإنجاز؟ إن الجواب عن السؤال الأول بسيط للغاية، وهو وقف إطلاق الصواريخ، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن نتوصل إلى اتفاق. وكي نقنع "حماس" بضرورة التوصل إلى اتفاق، فإننا نحطم عظامها كي لا يكون الثمن الذي تطلبه باهظاً. غير أننا لم نقرر، حتى الآن، ما هو الثمن الذي نحن على استعداد لدفعه. ويجدر بنا أن نقرر ذلك سريعاً حتى لا تقرره "حماس" نيابة عنا.