من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· بعد أن خفّت أصداء ردات الفعل التي أثارها الهجوم [ الإسرائيلي] على الأسطول التركي، من المهم أن ندرك أن التغير الذي طرأ على السياسة التركية تجاه إسرائيل هو جزء من تغييرات واسعة النطاق طرأت على السياسة الخارجية التركية التي وضعها وزير الخارجية أحمد داود أوغلو. وعلينا في الوقت عينه أن نفكر فيما يمكن لإسرائيل أن تفعله للتخفيف، ولو قليلاً، من التوتر بين البلدين.
· منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد كمال أتاتورك، كانت عقيدة الحصار هي التي تتحكم في سياستها الخارجية، إذ إن تركيا كانت ترى نفسها محاطة بالأعداء: اليونان؛ إيران؛ العالم العربي؛ روسيا. لهذا أنشأت جيشاً قوياً وضع المجتمع التركي تحت قبضة من حديد، ولهذا انضمت إلى حلف شمال الأطلسي، وليس حباً بالديمقراطية، ولهذا أيضاً اعتبرت كل محاولة لزعزعة أسطورة وحدة الأمة التركية بمثابة خطر على وجودها.
· لقد أدرك داود أوغلو أن هذه النظرة باتت غير ملائمة لزمننا الحاضر، فقام باستبدالها بعقيدة أخرى ترى أن على تركيا العمل على حل النزاعات في المنطقة، لأن التركيبة المعقدة للمجتمع التركي من شأنها أن تحوّل النزاعات الخارجية إلى نزاعات داخلية - تركية.
· وكان لهذه العقيدة الجديدة انعكاسات داخلية: فقد أثبت حزب "الرفاه والعدالة" أنه الأكثر انفتاحاً على الأقلية الكردية، وأن كبحه قوة الجيش التركي له صلة بالتحرر من الاحساس بالحصار. لكن الانعكاسات الأكثر أهمية لهذه العقيدة الجديدة يمكن ملاحظتها في السياسة الخارجية، من محاولة المصالحة مع أرمينيا، إلى تخفيف التوتر مع اليونان، وإظهار مرونة في الموقف التركي من القضية القبرصية، وانتهاج سياسة معتدلة تجاه البوسنة وكوسوفو، والبدء بعلاقات غير عدائية مع الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق، ومحاولة إيجاد تسوية للموضوع النووي الإيراني. وحتى الوساطة التركية بين سورية وإسرائيل تدخل في سياسة "تصفير النزاعات" في المنطقة.
· لكن كـل سياسة تُطبق بصورة متطرفـة، من شـأنها أن تؤدي إلى نتائـج معاكسة، فالبحث عن تسوية للمشكلة النووية الإيرانية أمر، وإقامة محور إيراني - تركي - برازيلي معاد لأميركا هو أمر آخر، وكذلك التصويت في مجلس الأمن ضد الاقتراح الأميركي [بشأن فرض العقوبات الاقتصادية على إيران]. كما أن الانتقادات التركية الموجهة ضد سياسة إسرائيل في المناطق أمر، والتهجم عليها - في أعقاب الأسطول - أمر آخر.
ثمة أطراف في تركيا تتساءل عمّا إذا كانت السياسة الجديدة ذهبت أبعد من اللازم. وعلى إسرائيل أن تشجع هذه الأطراف، وأن تغير طريقة تعاملها مع قضية الأسطول، ذلك بأن الجمهور التركي بأسره يعتقد أن إسرائيل قتلت تسعة مواطنين أتراكاً في المياه الدولية. في استطاعة إسرائيل أن تعلن أنها لا تستطيع الاعتذار علناً عما حدث، لكنها مستعدة للقيام بمبادرة إنسانية، ولإنشاء صندوق للتعويض على عائلات الضحايا. إن الاستعداد لدفع تعويضات لكل عائلة (تُقدر بـ 200.000 دولار) لمرة واحدة فقط، من شأنه التخفيف قليلاً من حدة العداء الحالي في تركيا تجاه إسرائيل. كما أن هذا من شأنه أن يدق إسفيناً بين الحكومة التركية وبين عائلات الضحايا. قد لا تقبل كل العائلات بالتعويضات، لكننا نكون بذلك قد قمنا بمبادرة إنسانية وأخلاقية واضحة، ربما تؤتي ثمارها السياسية.