· إذا لم يطرأ أي تغيير، فإن الكنيست سيصوت في القراءة الثانية والثالثة على اقتراح قانون يفرض إجراء استفتاء شعبي في حال الانسحاب من مناطق تابعة للسيادة الإسرائيلية.
· وفي كل مرة يُطرح فيها هذا الاقتراح على التصويت، يطرح المعارضون له تحفظات تكشف عن جهل مخجل.
· إن الحجة الأساسية ضد الاستفتاء هي أنه يتعارض مع الديمقراطية، أو أنه يتعارض مع روح النظام البرلماني الذي تُتخذ فيه القرارات من جانب ممثلي الشعب، وليس بواسطة استفتاء شعبي مباشر، وهذه حجة باطلة. إن الادعاء أن طرح موضوع مهم على الجمهور لاتخاذ موقف حاسم منه، هو أمر يتعارض مع الديمقراطية، يكشف عن عدم فهم عميق لها. فالديمقراطية هي حكم الشعب من أجل الشعب. ومن الواضح أن ليس هناك إمكان لحكم دولة إلا عبر الديمقراطية التمثيلية، لكن القرارات التاريخية الكبيرة يجب أن يحسمها الشعب. هذا ما تفعله الدول الديمقراطية. إن إجراء استفتاء شعبي في إسرائيل بشأن قضايا تمس سيادة الدولة، لن يؤدي إلى تطوير الديمقراطية فحسب، بل إلى إدخال إسرائيل إلى النادي المحترم للديمقراطيات الحقيقية أيضاً.
· إن قانون الاتحاد الأوروبي ينص على وجوب طرح القرارات المتعلقة بانضمام دولة جديدة إلى الاتحاد، أو بالموافقة على معاهدة ماستريخت (المعاهدة التي على أساسها قام الاتحاد الأوروبي)، أو بتبني عملة اليورو وغيرها، على الاستفتاء الشعبي في كل دولة من دول الاتحاد. حتى إن بريطانيا التي تُعتبر أم الأنظمة البرلمانية، طرحت قرار الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة على الاستفتاء الشعبي في سنة 1975.
· لكن لماذا تتطلب هذه القرارات تحديداً استفتاء شعبياً؟ لأن قراراً ذا نتائج بعيدة المدى من هذا النوع، ويتعلق بتغييرات تمس بالسيادة، يفترض حسماً ممن يتمتع بالسلطة المطلقة، والشعب، في الديمقراطيات البرلمانية، هو السلطة المطلقة. ومن هنا، فإن القرارات التاريخية من هذا النوع، والتي تتعلق بالسيادة، لا يمكن تركها للعبة السياسية، ويجب ألاّ تكون خاضعة للأغلبية العرضية، أو للمتاجرة السياسية.
· أما بالنسبة إلينا، فليس هناك من تغيير أهم من التنازل عن أرض كانت خاضعة لسيادة الدولة. فإذا كان قرار استبدال العملة يخضع للاستفتاء العام، فكم بالأحرى التنازل عن أرض سيادية!
· بعد إقرار القانون في اللجنة الوزارية المختصة بإصدار القوانين، وقف إيهود باراك بحدة ضد القانون، واصفاً إياه بـ "أنه عقبة في وجه السلام، ويؤذي رغبة الشعب في السلام". لكن كيف يمكن للاستفتاء الشعبي الإضرار بإرادة الشعب؟
· إن معارضة باراك الاستفتاء الشعبي باسم السلام، يجب ألاّ تنسينا أن أول من طرح فكرة الاستفتاء العام على الانسحاب من الجولان كان رئيس الحكومة يتسحاق رابين في سنة 1995، في الوقت الذي كان يتفاوض مع السوريين على الانسحاب من الجولان. لقد كان رابين منطقياً بما فيه الكفاية كي يدرك استحالة اتخاذ قرار من هذا النوع من دون موافقة الشعب.
إن جميع الحجج المقدمة ضد الاستفتاء العام تكشف عن التخوف من موقف الشعب، أو عن الرغبة في الالتفاف على الجمهور عبر التحايل عليه سياسياً. إن إقرار قانون الاستفتاء الشعبي سيكون بمثابة عيد للديمقراطية الإسرائيلية. كما أن ربط المسائل التاريخية المتعلقة بالسيادة بالاستفتاء العام من شأنه تطوير جوهر الديمقراطية الإسرائيلية. وبعد إقرار القانون ستصبح دولة إسرائيل أكثر انفتاحاً وديمقراطية مما هي عليه اليوم.