بأغلبية 65 صوتاً ومعارضة 33 صوتاً صادق الكنيست الإسرائيلي، في ساعة متأخرة من مساء أمس (الاثنين)، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانون يقضي بإلزام الحكومة أن تطرح للاستفتاء العام أي اتفاق سياسي يتضمن انسحاباً من أراض [محتلة] تخضع للسيادة الإسرائيلية بموجب القانون، مثل القدس الشرقية وهضبة الجولان.
ووفقاً لهذا القانون فإن الحكومة الإسرائيلية ستكون ملزمة من الآن فصاعداً طرح أي اتفاق سياسي يتضمن انسحاباً من القدس الشرقية أو هضبة الجولان على الاستفتاء العام، وفقط في حال الموافقة عليه يمكنها تنفيذ الاتفاق. ومع ذلك، فإنه في حال حصول الاتفاق على تأييد 80 عضو كنيست أو أكثر لن يكون هناك حاجة إلى طرحه على الاستفتاء العام.
وقد أثار حصول القانون على تأييد 65 عضو كنيست ارتياحاً كبيراً في صفوف أعضاء الكنيست الذين كانوا يعملون منذ فترة طويلة على دفع سنّه قدماً، ذلك بأن مثل هذا التأييد [أكثر من نصف عدد أعضاء الكنيست البالغ 120 عضواً] من شأنه أن يجعل من الصعب على معارضي القانون إلغاءه في وقت لاحق بواسطة سنّ قانون مضاد، أو بواسطة قرار صادر عن المحكمة الإسرائيلية العليا.
وكان هذا القانون طُرح أول مرة في الولاية السابقة للكنيست، وقبل نحو عام تقرر الاستمرار في إجراءات سنّه خلال الولاية الحالية للكنيست، غير أن سكرتير الحكومة الإسرائيلية تسفي هاوزر اتفق مع رئيس لجنة الكنيست عضو الكنيست ياريف ليفين [من حزب الليكود]، الذي بادر إلى تسريع إجراءات سنّه، على إرجاء مناقشته إلى أن تتمكن الحكومة من الإدلاء بموقفها بشأن عدد من بنوده. وقبل نحو أربعة أشهر أقرّت لجنة الكنيست القانون تمهيداً للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة. وفي الوقت نفسه، قررت اللجنة الوزارية لشؤون تشريع القوانين أن تؤيد القانون، الأمر الذي أعطى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضوءاً أخضر لدفع القانون قدماً، وذلك كي يخفّف حدة النقد الموجه إليه من الأحزاب اليمينية ومن داخل الليكود جرّاء احتمال قيامه بتمديد تجميد أعمال البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] ثلاثة أشهر أخرى.
وقررت كتلة حزب العمل في الكنيست أمس (الاثنين) أن تتيح لأعضائها إمكان التصويت الحرّ على القانون، وذلك على الرغم من الضغوط الشديدة التي مارستها كتلة الليكود عليها من أجل إلزام أعضاء الكنيست من العمل بتأييد القانون، وقد صوّت معظم أعضاء الكتلة ضد القانون، بينما امتنع الباقون من التصويت.
وخلافاً للتوقعات كلها فإن كتلة حزب كاديما قررت معارضة القانون وإلزام أعضائها كلهم بالتصويت ضده. وقالت رئيسة حزب كاديما عضو الكنيست تسيبي ليفني "إن الموضوعات التي يمكن طرحها، وفقاً للقانون، على الاستفتاء العام هي موضوعات يجب أن تقررها القيادة السياسية المنتخبة، ذلك بأنها تدرك حجم المشكلات الماثلة أمام الدولة وجوهر الجوانب المتعلقة بها كافة. إن الشعب لا يعتبر بديلاً من الحاجة إلى قيادة كهذه، كما أن الحديث لا يدور على استفتاء الشعب، وإنما على منحه حق النقض [الفيتو] إزاء قرارات تتخذها الحكومة والكنيست على الرغم من كونهما منتخبين". وأضافت: "إن الاستفتاء العام الحقيقي في إسرائيل هو الانتخابات العامة، ولا يجوز أن نتوقع من الشعب أن يحسم قرارات في الوقت الذي لا يملك الأدوات الضرورية لحسمها".
وذكرت صحيفة "هآرتس" (23/11/2010) أن مفعول القانون سيصبح سارياً على الفور، وأضافت أن قراءة معمقة للقانون تبيّن أن الاستفتاء العام لن يكون ملزماً في حال التوصل إلى اتفاق يتعلق بالانسحاب من القدس الشرقية وهضبة الجولان فحسب، بل أيضاً في حال التوصل [مع السلطة الفلسطينية مثلاً] إلى اتفاق يقضي بتبادل أراض، وذلك نظراً إلى حقيقة كون الأراضي التي سيتم تبادلها خاضعة بموجب القانون للسيادة الإسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن رئيس لجنة الكنيست ياريف ليفين، الذي بادر إلى دفع إجراءات سن القانون، قوله إن اتفاق تبادل الأراضي بات يستلزم هو أيضاً إجراء استفتاء عام.
ووفقاً لصحيفة "هآرتس"، فإن البنود الأساسية للقانون هي التالية: أولاً، إن أي اتفاق يتعلق بالانسحاب من أراض خاضعة للسيادة الإسرائيلية بموجب القانون الإسرائيلي يستلزم تأييد أغلبية مؤلفة من 61 عضو كنيست وإجراء استفتاء عام؛ ثانياً، في حال فوز اتفاق كهذا بتأييد أغلبية مؤلفة من ثلثي أعضاء الكنيست، أي 80 عضو كنيست فما فوق، تسقط الحاجة إلى إجراء استفتاء عام؛ ثالثاً، يكون السؤال الذي يطرح لدى إجراء الاستفتاء العام هو: "هل تؤيد الاتفاق الذي أُقر في الكنيست أم تعارضه؟"