· هل يُعتبر إقدام الفلسطينيين على إعلان إقامة دولة فلسطينية مستقلة من جانب واحد سيئاً لإسرائيل؟ يبدو الأمر كذلك في الظاهر، لكن بنظرة أخرى أكثر عمقاً يجوز أن الأمور لن تكون بهذه البساطة.
· لا شك في أن الفجوة القائمة بين أدنى ما يمكن أن يقبل الفلسطينيون به وبين أقصى ما يمكن أن تقدمه إسرائيل لهم هي فجوة كبيرة للغاية لا يمكن جسرها، ولذا، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق بين الجانبين من خلال المفاوضات هي احتمالات ضئيلة، كما أن فشل المفاوضات من شأنه أن يكون كارثياً للجانبين كما حدث في إثر فشل مفاوضات كامب ديفيد في سنة 2000.
· لكن في المقابل، فإن إعلان إقامة دولة فلسطينية مستقلة من جانب واحد سيؤدي إلى إيجاد واقع سياسي ميداني مغاير ومهم، وذلك من دون تغيير الواقع العسكري والأمني، على الأقل في المرحلة الأولى.
· يبقى السؤال المطروح هو: كيف ستُدار المرحلة الثانية؟ في واقع الأمر ليس هناك أي سبب يجعلنا نفترض أن مطالب الفلسطينيين من إسرائيل ستتغير عقب إعلان إقامة دولتهم المستقلة، ولذا فإن ما سيتغير للأحسن هو وضعنا نحن في مقابلهم، ذلك بأن ما سيحدث في نهاية المطاف هو أننا سنكون دولة في مقابل دولة، الأمر الذي يتيح إمكان مطالبتها بإبداء مسؤولية وصدقية أكثر كثيراً مما نطلب من مجرد "سلطة" [السلطة الفلسطينية] لا تزال مكانتها وصلاحياتها غير واضحتين تماماً.
· وبالتالي سيكون في إمكاننا أن نطرح على الدولة الفلسطينية التي ستُقام مطالبنا العادلة مثل الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي أو إنهاء النزاع شرطاً للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولا شك في أن اعتراف إسرائيل بهذه الدولة سيكون مهماً بالنسبة إلى الفلسطينيين أكثر من اعتراف أي جهة أخرى في العالم كافة.
فضلاً عن هذا كله، فإن على إسرائيل أن تعد نفسها لإمكان إعلان إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد كما تعد نفسها لخوض حرب (الأمر الذي لم ينجح الجيش الإسرائيلي في القيام به دائماً)، وعليها أن ترسم سيناريوهات متفائلة ومتشائمة تتعلق بهذا الأمر وأن تقدّر احتمالات كل سيناريو منها، لكن الأمر الأهم هو عدم الافتراض أن تطوراً من هذا القبيل هو تطور سلبي حتماً.