التطوارت السياسية تتطلب عقد مؤتمر مدريد 2
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

·       في مثل هذه الأيام قبل 19 عاماً عُقد مؤتمر مدريد. ولم يأتِ العرب إلى المحادثات المباشرة مع إسرائيل في ظل حكومة يسار، وإنما في ظل حكومة كان يرئسها آنذاك يتسحاق شمير الذي أكد أنه "في بعض الأحيان يجب أن تقول لا".

·       وُجهت الدعوات إلى حضور المؤتمر الذي عُقد في تشرين الأول/ أكتوبر 1991 في مدريد، إلى سورية ومصر، وإلى وفد أردني ـ فلسطيني. وقد وافق شمير على حضور المؤتمر، لكنه اشترط الحصول على ضمانات أميركية تتعهد فيها الولايات المتحدة بعدم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وتؤكد أن هدف المؤتمر ليس إشراك منظمة التحرير في المفاوضات. انتهى المؤتمر في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، وكانت هذه أول مرة في تاريخ النزاع الإسرائيلي ـ العربي تجري مفاوضات فيها مباشرة بين الطرفين.

·       جرت المفاوضات من دون شروط مسبقة، ومن دون أن تعرف إسرائيل مسبقاً ما ستسفر عنه من نتائج، ومن دون أن تتعهد بأي شيء، لا علناً ولا سراً.

·       لكن بعد المؤتمر ضاقت الأحزاب الموجودة على يمين الليكود ذرعاً بالمفاوضات، وهي التي كانت مشاركة في الائتلاف الذي قاده شمير، وفي المحادثات المباشرة التي لم يتنازل خلالها رئيس الحكومة عن حبة رمل من الأرض فحسب، بل واصل حركة الاستيطان في يهودا والسامرة أيضاً، فقررت البدء بعملية إسقاط الحكومة.

·       هذا ما جرى، وقد دفع كل من غيئولا كوهين، وغاندي، ورفول، الحياة السياسية نحو الانتخابات التي باتت نتائجها معروفة. فبعد مرور أشهر معدودة على عقد مؤتمر مدريد، جرت الانتخابات وفاز فيها حزب العمل بزعامة رابين، وتألفت حكومة يسار. وقامت حكومة رابين بإلغاء المبدأ الأساسي الرافض لمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات، وتبنت سياسة أدت إلى الاعتراف بمنظمة التحرير وإلى توقيع اتفاق أوسلو.

·       من هذا الماضي علينا استخلاص العبر السياسية وكيفية نظرتنا إلى المستقبل: لقد أعلن أبو مازن الأسبوع الماضي أنه سيطلب من الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود 1967، وبعده قال رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض أنه سيتوجه إلى الأمم المتحدة بالطلب عينه. ويدّعي الفلسطينيون أن المفاوضات لم تحقق تقدماً، كما لو أنهم ليسوا الذين جمدوا المفاوضات المباشرة بينهم وبين إسرائيل. وبشأن هذه النقطة بالذات، فإن على إسرائيل أن تفعل ما فعله شمير، وأن تطلب من الإدارة الأميركية رسالة ضمانات مشابهة، تتعهد فيها الولايات المتحدة بالوقوف ضد أي مطلب فلسطيني أحادي، فالمفاوضات المباشرة التي تدعمها الولايات المتحدة لا مكان فيها للخطوات الأحادية.

·       بالإضافة إلى ذلك، من المستحسن أن تدعو الولايات المتحدة الطرفين إلى مؤتمر يُعقد مرة واحدة، شبيه بمؤتمر مدريد، ويعيد الأطراف إلى المفاوضات المباشرة، ويكون واضحاً للجميع أن هذه المفاوضات المباشرة ستؤدي إلى الاتفاق على التسوية، لا إلى إنهاء النزاع. فما دام الفلسطينيون غير مستعدين للاعترف بدولة إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، فإن من الصعب إعلان نهاية حقيقية للنزاع.

أما الخلاصة الثانية فسياسية، وهي موجهة إلى الداخل وإلى كتل اليمين. عليهم أن يتذكروا جيداً درس انتخابات 1992، حين سعت أحزاب اليمين لإسقاط الحكومة التي كان يترأسها الليكود، وساهمت في النهاية في تأليف حكومة يسار. ربما يحدث هذا اليوم أيضاً. فمن المعروف أن قاعدة الائتلاف الذي أٌنشىء في سنة 1992، كانت تقوم على محور حزب العمل ـ ميرتس، وربما تكون هذه المرة محور كاديما ـ ميرتس. إن حدوث ذلك لن يؤدي إلى الانسحاب إلى حدود 1967، وإلى تفكيك المستوطنات فحسب، بل إن مثل هذا الائتلاف سيركض في هذا الاتجاه أيضاً.