من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· كان لعملية "عمود السحاب" هدفان استراتيجيان هما تجديد وقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة، والذي اهتزّ في الأشهر الأخيرة بفعل جولات عنف متوالية من تبادل الضربات؛ والمحافظة على معاهدة السلام مع مصر في ظل قيادة جماعة الإخوان المسلمين. و تدل التفاهمات التي جرى التوصل إليها أمس (الأربعاء) على أن هذين الهدفين قد تحقّقا إذا احترم الطرفان هذا الاتفاق.
· وفي الواقع فإن إسرائيل تتطلب من حركة "حماس" في قطاع غزة أن تلعب دوراً يشبه الدور الذي يؤديه حزب الله في لبنان: حراسة الحدود، وعدم إطلاق النار، وفرض حازم للتهدئة على باقي الفصائل المسلحة. وهذه التسوية لا تستند إلى ودّ، أو اعتراف متبادل، أو تماهي أيديولوجي، وإنما إلى المصلحة المشتركة المعزّزة بتوازن الرعب: أي قوة النيران الجوية وتهديد الجيش الإسرائيلي بشن عملية عسكرية برية واسعة [على قطاع غزة] من جهة، في مقابل قدرة صواريخ حزب الله وحركة "حماس" على إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، من جهة ثانية.
· لقد أعلن وزير الدفاع، إيهود باراك، بالأمس أن "حماس" هي المسؤولة عن تنفيذ اتفاق التهدئة والالتزام به. وهكذا، تتوقع إسرائيل أن يقوم من سيحل محل أحمد الجعبري بأداء مهمة المقاول الثانوي وأن يضمن الهدوء على الحدود. وإذا أهمل أو رفض أداء مهمته، فسوف يكون في انتظاره مصير مشابه لمصير رئيس أركان حركة حماس [أحمد الجعبري] الذي اغتيل الأسبوع الماضي. وهذا هو مغزى "تجديد الردع" الذي يتباهى به الزعماء السياسيون وقادة الجيش الإسرائيلي.
· وتظهر وثيقة التفاهمات التي نشرها المصريون، أن إسرائيل وافقت على الكفّ عن القيام بعمليات عسكرية في داخل قطاع غزة، ووقف الاغتيالات. كما وافقت حركة "حماس" على الكفّ عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل على الحدود. والمقصود بذلك أن تنسحب إسرائيل من الشريط الأمني بعرض 300 متر الواقع في منطقة سيطرة حماس على الحدود. وهذه هي المنطقة التي كان يعمل فيها الجيش الإسرائيلي على تفكيك الشحنات الناسفة وتدمير الأنفاق، وكان يطلق النار على الفلسطينيين الذي يقتربون من الجدار.
· لقد اندلعت المواجهة الأخيرة بعد أن حاولت حركة "حماس" إنشاء شريط حدودي مقابل في الجانب الإسرائيلي، وعندما أطلقت صاروخاً مضاداً للدبابات على سيارة عسكرية وجرحت أربعة جنود [إسرائيليين]. والآن، نجحت حركة "حماس"، موقتاً على الأقل، وبثمن باهظ من الخسائر البشرية والدمار، في إبعاد دوريات الجيش الإسرائيلي عن مناطق سيطرتها. ولقد كان هذا هو الهدف الذي سعت الحركة إلى تحقيقه عبر الحوادث المتكررة على امتداد الجدار.
· أما هدف إسرائيل الثاني فكان اختبار العلاقات مع مصر بقيادة الإخوان المسلمين، في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع الفلسطينيين. ولقد برهن الرئيس محمد مرسي أنه يؤثر مصالح الدولة على الإيديولوجيا، وعلى الرغم من أنه غير مستعد لإجراء اتصالات علنية بإسرائيل، إلا إنه يريد إقامة صلات معها عبر قنوات بعيدة عن الأنظار. وأبلغ دليل على ذلك هو أن المندوب الإسرائيلي في مباحثات التهدئة كان رئيس الموساد وليس وزير الخارجية أو أي دبلوماسي مدني.
· لكن حتى من دون لقاءات تحظى بتغطية إعلامية مع رئيس الحكومة نتنياهو، أظهر مرسي أن السلام مع إسرائيل هو مصلحة مصرية، لا بل أنه يخدم مصر في مسعاها لاسترجاع زعامة المنطقة. كما أظهر نتنياهو أنه بالإمكان قصف قطاع غزة، واغتيال رئيس أركان حركة حماس، من دون المساس بمعاهدة السلام مع القاهرة. وهذا شأن غير بسيط في البيئة الاستراتيجية الجديدة التي أوجدها الربيع العربي.