ينبغي إضعاف "حماس بالوسائل الدبلوماسية والعسكرية معاً، وإيجاد بديل سياسي منها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لقد كان الهدف الأساسي لعملية "عمود السحاب" على الأمد القصير هو توجيه ضربة قاسية للإرهاب الذي مصدره غزة. ومن أجل تحقيق الفائدة القصوى من العملية العسكرية يجب أن تؤدي هذه الضربة إلى إضعاف القوة العسكرية "لحماس"  لوقت طويل.

·       لقد علمتنا التجربة أنه من الصعب القضاء على تنظيم إرهابي بالوسائل العسكرية فقط. ومما لاشك فيه أن الجناح العسكري في "حماس" يحظى بتأييد شعبي واسع يقدم له الشرعية والموارد للقيام بعملياته العسكرية. من هنا فإن أكبر ضربة يمكن توجيهها إلى "حماس" ستكون من خلال قطع علاقتها بالقاعدة الشعبية الداعمة لها. ويجب أن يكون هذا هو الهدف البعيد الأمد الذي تتطلع إسرائيل إلى تحقيقه.

·       إن وقف التأييد الشعبي للجناح العسكري الإرهابي "لحماس" يتطلب العمل على خطين:  الخط الأول مواصلة القتال ضد "حماس" حتى تخسر الحركة مكانتها في نظر الجمهور الفلسطيني؛ أما الخط الثاني فهو أن نقدم للجمهور الفلسطينين بديلاً سياسياً يمكن أن يكون أفضل في نظره من "حماس".

·       وفي الواقع، فإن إسرائيل تعمل اليوم على تحقيق الخط الأول من خلال مواصلتها للقتال في غزة. لكن ينبغي عليها الامتناع من القيام بعملية برية حتى لو كانت مبررة عسكرياً لأن ثمن الغزو العسكري لمنطقة كثيفة سكانياً سيدفعه السكان المدنيون الأبرياء.

·       إن حدوث مثل هذا الأمر سيحقق نصراً إعلامياً ومعنوياً لحركة"حماس"، وستبدو إسرائيل أمام أنظار العالم وأنظار الجمهور الفلسطيني قوة احتلال، في الوقت الذي ستظل "حماس" في وعي الفلسطينيين تنظيماً مقاوماً لا منظمة إرهابية، مما سيقوي مكانتها. من أجل ذلك ينبغي مواصلة القتال الجوي وعدم التردد في ضرب الأهداف الإرهابية، والامتناع من مهاجمة المدنيين أو البنى التحتية المدنية.

·       أما فيما يتعلق بإيجاد بديل سياسي من "حماس"، فهو غير موجود نهائياً في السياسة الإسرائيلية على الرغم من أهميته الفائقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن إيجاد هذا البديل يتطلب التحاور مع الجمهور الفلسطيني بلغة دبلوماسية. وعندما يدرك هذا الجمهور أن التحرك السياسي هو الذي يثمر عن نتائج فإنه سيتوقف عن دعم "حماس". من هنا فالتحرك السياسي الملائم ضروري من أجل زيادة  تأثير العملية العسكرية على الأمد البعيد.

·       إن التحرك السياسي الأكثر فعالية اليوم هو دعم توجه محمود عباس إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بالسلطة الفلسطينية دولة غير عضو. إذ في استطاعة إسرائيل أن تضع شروطاً لموافقتها على طلب عباس مثل: التعهد الفلسطيني بالدخول فوراً في المفاوضات على خط الحدود على أساس حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي؛ الالتزام خلال المفاوضات بعدم القيام بأي مبادرة فلسطينية دولية ضد إسرائيل.

·       لقد أوجد القتال الجاري في غزة اليوم فرصة للقيام بمبادرة دبلوماسية من موقع القوة باستطاعتها أن تستمر من دون الاعتماد على ما يجري في غزة، وذلك بسبب تاريخ التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة المحدد سابقاً.

·       إن محمود عباس هو الطرف الوحيد الذي يمثل اليوم التوجه الدبلوماسي في الجانب الفلسطيني. ويمكن القول إن تصريحاته الأخيرة المعارضة للعنف، وإعلانه بأنه لن يسمح بنشوب انتفاضة ثالثة خلال ولايته، واستعداده للتخلي عن حلم العودة الى منزله في صفد، كل ذلك يجعله  شريكاً لنا في المفاوضات.