· تصادف هذه الأيام ذكرى مرور عشرة أعوام على اندلاع "الانتفاضة الفلسطينية الثانية" التي تُعتبر الحرب "الإرهابية" الأقسى التي واجهتها دولة إسرائيل. وتؤكد وثائق استولت إسرائيل عليها في إبان حملة "السور الواقي" [التي أعاد الجيش الإسرائيلي فيها احتلال مدن وقرى الضفة الغربية كلها في سنة 2002] أن التخطيط لهذه الحرب "الإرهابية" جرى قبل بضعة أعوام من اندلاعها، وأن الذي بادر إليها، وهو [رئيس السلطة الفلسطينية السابق] ياسر عرفات، كان يعتبر "الإرهاب" وسيلة سياسية، وعلى ما يبدو، فإنه في إثر فشل مفاوضات كامب ديفيد [سنة 2000] كان راغباً في فرض واقع سياسي جديد على الشرق الأوسط برمته.
· وقد قامت إسرائيل بخوض حرب شرسة ضد "الإرهاب" بلغت ذروتها في عملية "السور الواقي" العسكرية التي أسفرت عن إعادة سيطرة إسرائيل على معظم مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· وفي ذلك الوقت، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون اعتبر عرفات المسؤول الرئيسي عن تفجر أعمال العنف، ولذا، فإنه بذل جهوداً سياسية كبيرة من أجل إقناع العالم كله بأن "عرفات هو المشكلة"، وشيئاً فشيئاً بدأ العالم، ولا سيما العالم الغربي، يقتنع بأن عرفات هو المسؤول فعلاً عن اندلاع هذه المواجهة العنيفة المدمرة.
· ولا بُد من القول إن هذا الاقتناع هو الذي أسفر عن الموقف الأميركي الحاسم الذي اتخذه الرئيس جورج بوش في خطابه الذي ألقاه في حزيران/ يونيو 2002، والذي غيّر مسار النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني كله. وكان فحوى هذا التغيير هو ما يلي: أولاً، أن المفاوضات المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية لن تجري إلا بعد قيام الفلسطينيين بالتخلي عن "الإرهاب" وتفكيك منظماته؛ ثانياً، أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى "قيادة بديلة" تحارب "الإرهاب"، أي إلى قيادة أخرى غير عرفات. ويبدو أن هذا الأمر هو الذي دفع السلطة الفلسطينية في حينه إلى إيجاد منصب جديد هو منصب رئيس الحكومة، الذي تسلمه محمود عباس [رئيس السلطة الفلسطينية الحالي]، كما أن المسؤولية عن تصريف أموال السلطة الفلسطينية سُلمت إلى الدكتور سلام فياض [رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي].
وما يجب قوله أيضاً هو أنه بعد موت عرفات، الذي لا تتحمل إسرائيل أي مسؤولية عنه، فإن القيادة الفلسطينية الجديدة بدأت تعالج الأسباب الحقيقية لـ"الإرهاب" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بصورة صحيحة، ولذا، فإن الحياة هناك تغيرت جذرياً، وبالتالي، بات هذا التغيير يشكل في نظر معظم الجمهور الفلسطيني اعتباراً مهماً لعدم الانخراط مرة أخرى في أعمال عنف جديدة.