من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· أخذتُ باقتراح [وزير الدفاع الأسبق] موشيه أرنس الذي دعا إلى قراءة أرقام المكتب المركزي للإحصاء التي وجدها مشجعة جداً (في مقالة نشرها في "هآرتس" في 28/9 بعنوان "بعد زوال الشبح الديمغرافي")، فماذا وجدتُ؟ وجدت أولاً أن المكتب المركزي للإحصاء يتعامل فقط مع البيانات داخل الخط الأخضر، أي داخل إسرائيل، ومع تلك المتعلقة باليهود المقيمين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. أما فيما يتعلق بعرب المناطق [المحتلة]، فيتعين علينا البحث عن البيانات في مكان آخر.
· ما هو الأمر المشجع جداً في أرقام سنة 2010؟ لقد وجدتُ أن نسبة اليهود في إسرائيل تبلغ 75,5% من السكان، لكن في سنة 1998، كانت نسبتهم 79,2 %، وفي 1988 كانت 81,7%. بعبارة أخرى، إن نسبة اليهود بين سكان إسرائيل في تناقص مستمر، على الرغم من تدفق نحو مليون مهاجر إلى إسرائيل في العقدين الماضيين.
· ووفقاً للتوقعات، فإن نسبة اليهود في سنة 2015 ستهبط إلى نحو 73,5%، وستواصل الانخفاض حتى تصل إلى 70,6% بحلول سنة 2025. وفقط في سنة 2030، سيكون هناك، لأول مرة، ارتفاع طفيف في نسبة اليهود وستصل إلى 72%. فما هو الباعث على السرور في هذه الأرقام؟
· على امتداد الأشهر القليلة الفائتة، نادى أرنس بضم يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى إسرائيل (في رأيه أن هذه هي الوسيلة الكفيلة بمنع قيام دولتين في هذه المساحة الضيقة). من الواضح أن هناك مشكلة ديموغرافية صعبة. إن أرنس يتلقى بيانات من فريق أميركي معين، وبناء عليها يحسب عدد العرب الذين يعيشون في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، كم غادر منهم، وكم سيغادرون في المستقبل. وهو أيضاً يتابع عدد الولادات والوفيات ويؤكد "علمياً" أن عدد سكان يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لا يتجاوز 1,5 مليون نسمة. إذا حذفنا مليون عربي، يبقى هناك أغلبية يهودية في أرض إسرائيل، الأمر الذي يعني أن شبح المشكلة الديمغرافية اختفى.
· غير أنني لم أعتمد على أي فريق أميركي، وذهبت بدلاً من ذلك إلى رئيس الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي، وقد بلّغني هذا أن هناك في الوقت الحاضر نحو 2,6 مليون فلسطيني يعيشون في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، بينما يقدّر عدد سكان غزة بنحو 1,5 مليون نسمة. أما أرقام مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني، بناء على آخر تعداد للسكان جرى في سنة 2007، فهي قريبة من أرقام الجيش الإسرائيلي (مع حسم سكان القدس الذين شملهم المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء في بياناته). وفي كلتا الحالتين، يتبين أنه من دون غزة والأجانب المقيمين [في إسرائيل]، فإن اليهود يشكلون 59% من مجموع السكان في أرض إسرائيل. وإذا أضفنا غزة والمقيمين الأجانب، فإن عدد اليهود يصبح متساوياً مع عدد عرب فلسطين، بل أقل منهم قليلاً.
· لا مفر أيضاً من التعامل مع التوقعات للعقد المقبل أو العقدين المقبلين، وهنا يتبين أن نسبة اليهود ستنخفض إلى نحو 42%. وهذا يعني نهاية الكيان السياسي اليهودي في الشرق الأوسط. وعليه، فإن الشبح الديموغرافي لا يزال موجوداً ومنطوياً على تهديد، حتى قبل أن نتحدث عن الكثافة السكانية في غرب البلد، أو عن قضايا الأمن الداخلي التي من المتوقع أن تنشأ جرّاء وجود ملايين من السكان المعادين.
لا مفر من القول لأرنس إن إيديولوجيا حركة "بيتار" اليمينية التي تربى عليها قد أفلست منذ فترة طويلة، وإنها لن تنفع حتى لو محا، افتراضياً، 1,5 مليون عربي من سكان المناطق [المحتلة]. إنهم موجودون هنا. والاستنتاج المترتب على ذلك في منتهى البساطة: مَن يتسبب بإقامة دولة واحدة [ثنائية القومية] في أرض إسرائيل فسيحكم على يهود إسرائيل بالخراب. ونحن، الأغلبية العاقلة التي لا تزال تعيش هنا، لن نسمح له بفعل ذلك.