· إن المنطق يحتم أن يتم التوصل إلى حل وسط بشأن قضية تجميد البناء في المستوطنات. فأي طرف لا يستطيع السماح لنفسه بنسف المفاوضات الآن، لا الفلسطينيون الذين سيخسرون مكانتهم كالابن الغالي الجديد للبيت الأبيض، ولا الإسرائيليون الذين سيتعرضون لحساب عسير من جانب إدارة الرئيس أوباما (التي بقي أمامها عامان وأربعة أشهر في البيت الأبيض)، ولا الأميركيون بكل تأكيد.
· غير أن واقع الحال ليس كذلك، إذ يبدو أن الأطراف جميعها تهرول في اتجاه الارتطام بالحائط. الرئيس أوباما يقول يومياً تقريباً، لمن يريد أن يسمع، إن "تجميد البناء يجب أن يستمر"، أما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فيقول بالوتيرة نفسها تقريباً إن البناء سيستمر، في حين يقول الرئيس الفلسطيني أبو مازن أنه سينسحب من المفاوضات لدى بناء أول بيت في المناطق [المحتلة].
· التقدير المرجح هو أن المفاوضات لن تُنسف. فأولاً، فهم المستوطنون أنه يجب البقاء بعيداً عن الأضواء، وسيحافظون على هدوء نسبي. والتقديرات هي أن أمر تجميد البناء لن يمدد، لكن التجميد الصريح سيستبدل بتجميد بيروقراطي. وستجد وزارة الدفاع أسباباً بيروقراطية أو إجرائية لمنع أولئك الذين يملكون تصاريح بناء من التنفيذ، وسيمنح نتنياهو الأميركيين "وديعة" فحواها أنه لن يكون هناك بناء بشكل فاضح ما وراء الجدار، في المناطق التي من المرجح ألاّ تبقى إسرائيل فيها في إطار الحل النهائي.
· من المحتمل أن يطلب الأميركيون والفلسطينيون، بالإضافة إلى هذه الوديعة، وعداً بأن يكون موضوع الحدود أول الموضوعات التي ستبحث في المفاوضات، وبأن يتم حله خلال ثلاثة أشهر. وبالتالي، هناك احتمال في أن تنزل الأطراف كلها عن الشجرة بصورة متزامنة وأن تمضي في مفاوضات هادئة، على الأقل حتى تشرين الثاني/ نوفمبر [موعد الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي].
إن الأميركيين يعلمون ما يعلمه نتنياهو، وهو أنه لا يوجد لديه سبب حقيقي لعدم تمديد تجميد البناء. والفخ الذي أوقع نتنياهو نفسه فيه ليس سهلاً، وهو فخ مزدوج، سياسي ودبلوماسي. ففي المجال السياسي، إذا لم يمدد نتنياهو التجميد وتسبب بنسف المفاوضات، فإنه سيواجه خطر خسارة حزب العمل، وربما سيضطر إلى تأليف حكومة يمين ضيقة. وإذا مدد التجميد، فسينشب تمرد صغير داخل الليكود، وسيحاول اليمين إسقاطه. أما الفخ الدبلوماسي الأخطر فهو: إذا لم يمدد نتنياهو التجميد، فإن إدارة أوباما ستعتبره، وبشكل نهائي، مصدر إزعاج، وسيصبح ملاحقاً دولياً، وربما سيضطر إلى القبول بحل وسط مهين يجبره على أن يتباحث في شأن الحدود الآن، أما إذا مدد التجميد، فإنه سيتحول إلى نكتة، إلى زعيم لا يلتزم بوعوده.