إسرائيل غير واثقة بهويتها اليهودية ولذا تطالب بالحصول على تأكيدات من جيرانها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       في المحادثات التي تجري بين إسرائيل والفلسطينيين، طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من شريكه التفاوضي الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. وفي إمكان المرء أن يفهم ما يدفع رئيس الحكومة إلى ذلك: رجل قليل الالتزام بالتقاليد الدينية اليهودية غير واثق بهويته اليهودية، وبالتالي غير واثق بهوية دولته أيضاً. ومن هنا تنبع أيضاً [في نظره] ضرورة الحصول على تأكيدات من جيراننا.

·       لم يصدر في إسرائيل سوى انتقادات قليلة لهذه النزوة الجديدة التي لم يكن هناك، حتى وقت قريب، أي تعبير لها في الدبلوماسية الاسرائيلية. فعلى مدى أعوام طويلة، كافحت إسرائيل من أجل أن يعترف العالم العربي بها، لكن منذ آذار/ مارس 2002، عندما تبنت جامعة الدول العربية والعالم الإسلامي المبادرة السعودية التي تدعو إلى الاعتراف بإسرائيل ضمن حدود 1967، ظهر تهديد مخيف ـ السلام، الذي يمكن أن يؤدي، وبحق، إلى انهيار الطابع اليهودي للدولة من الداخل.

·       هناك في إسرائيل إجماع شامل، من اليمين إلى اليسار، على تعريف إسرائيل كدولة يهودية، لكن هذا التعريف يشبه تعريف إيران كجمهورية إسلامية أو الولايات المتحدة كدولة مسيحية. صحيح أن بعض الإنجيليين الأميركيين يعتقد أن الطابع المسيحي للولايات المتحدة مهدد، ويسعى لترسيخه في التشريعات، إلاّ إن الولايات المتحدة، مثل بقية العالم المستنير، لا تزال ترى نفسها على أنها تنتمي إلى جميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين والعقيدة.

·       من شأن أغلبية الإسرائيليين الرد على ذلك بالقول إن اليهودية أو الهوية اليهودية لا تمثلان ديانة، وإنما تمثلان شعباً، لذلك يجب ألاّ تكون إسرائيل ملكاً لجميع مواطنيها وإنما ملكاً ليهود العالم الذين، كما نعلم، لا يفضلون العيش هنا. وهذا أمر مستغرب، لأني لم أكن أعلم حتى الآن أنه يمكن الانتماء إلى شعب عن طريق اعتناق الديانة فقط، وليس عن طريق المشاركة في الثقافة اليومية المشتركة. هل من المحتمل أن يكون [الممثل اليهودي الأميركي] وودي ألِن و [الروائي اليهودي الأميركي] فيليب روث يشاركان بشكل نشيط في هذه الثقافة بصورة سرية؟ إن أفضل تعريف للانتماء إلى شعب هو، بحسب رأيي، أن يكون الشخص قادراً على تحديد اسم فريق كرة قدم واحد يتنافس في المباريات المحلية.

·       إن [رئيس طاقـم البيت الأبيض] رام عمـانؤيل، كمـا نعلـم، ينتمـي إلى الشعب الأميركـي، و [وزير الخارجية الفرنسي] برنار كوشنير ينتمي إلى الشعب الفرنسي، لكن إذا قررت الولايات المتحدة غداً تعريف نفسها بأنها دولة أنجلو ـ سكسونية بدلاً من مجرد دولة أميركية، أو إذا طلبت فرنسا الاعتراف بها كجمهورية غاليّة ـ كاثوليكية وليس كجمهورية فرنسية، فسيتعين على كلا الرجلين الهجرة إلى إسرائيل.أنا متأكد من أن العديدين منا يرغبون في ذلك، وهذا سبب آخر يدفعهم إلى الإصرار على أن إسرائيل هي دولة للشعب اليهودي، وليس ديموقراطية إسرائيلية.

بما أن غير اليهود الموجودين بيننا لا يستطيعون التماثل مع دولتهم، فلا يبقى أمامهم سوى التماثل مع السلطة الفلسطينية أو "حماس"، وربما المطالبة غداً بأن يكون الجليل الذي، كما نعلم، ليس فيه أغلبية يهودية، كوسوفو الشرق الأوسط.