· قبل عشرة أعوام اندلعت انتفاضة الأقصى التي اعتبرها الجيش الإسرائيلي في حينه مجرد "مواجهة محدودة" أخرى، وبناء على ذلك، قررت قيادة المؤسسة السياسية الإسرائيلية أن تكون ردات فعل الجيش محدودة هي أيضاً.
· ومرّت فترة طويلة نسبياً إلى أن أدركت تلك القيادة أن ما كان يجري هو حرب. ولا بُد من الإشارة إلى أن [رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك] إيهود باراك لم يدرك هذه الحقيقة حتى آخر لحظة في منصبه، كما أن خليفته، أريئيل شارون، بقي غير مدرك لها لفترة تزيد عن عام واحد.
· وفي المقابل، فإن أشخاصاً كثيرين خاضوا مناقشات حادة بشأن ما إذا كان إطلاق يد الجيش الإسرائيلي سيؤدي إلى حل المشكلة، وقاموا بطرح أسئلة كثيرة من قبيل: هل يمكن للجيش الإسرائيلي أن يحقق انتصاراً على "إرهاب" الانتحاريين؟ وهل يمكنه أن يواجه منظمات "إرهابية" لا تملك جبهة قتالية أو جبهة داخلية، فضلاً عن أنها لا تلتزم قواعد الحرب الأخلاقية؟
· وقد انقسم المتناقشون إلى فريقين: الأول، ضم أشخاصاً طالبوا بأن تخوض إسرائيل حرباً [على الفلسطينيين] بكل ما أوتيت من قوة، وكان في مقدمهم زعماء "مجلس مستوطنات يهودا والسامرة" [الضفة الغربية] الذين رفعوا في ذلك الوقت شعار "دعوا الجيش الإسرائيلي ينتصر"؛ الفريق الثاني ضم أنصار اتفاق أوسلو الذين أدركوا أن التوق إلى السلام لا يشكل ذريعة منطقية كافية لتقييد ممارسات الجيش الإسرائيلي، ولذا، فإنهم لجأوا إلى ذرائع عسكرية لتحقيق ذلك، ومنها أنه لا يمكن إحراز انتصار في الحرب الدائرة، وأن الجيش الإسرائيلي يعرف أنه لا حل عسكرياً لـ"الإرهاب"، وأن الطريق الوحيدة لحل المشكلة كامنة في المفاوضات فقط.
· ويبدو أن إقدام ياسر عرفات على تصعيد العمليات "الإرهابية"، هو الذي سمح للمؤسسة السياسية الإسرائيلية، عقب وقوع العملية المسلحة في فندق بارك في نتانيا في آذار/ مارس 2002، بأن ترخي العنان للجيش الإسرائيلي كي يحرز انتصاراً.
· ويمكن القول إن حملة "السور الواقي" العسكرية الإسرائيلية [التي جرى القيام بها بعد عملية فندق بارك] حققت غايتها، وأسفرت عن إحراز انتصار على "الإرهاب" الفلسطيني. وهذا ما يمكن إثباته من خلال النتائج، ذلك بأنه خلال سنة 2002 لقي 232 مدنياً إسرائيلياً مصرعهم في 53 عملية "إرهابية" وقعت في أنحاء متعددة من البلد، في حين أنه خلال سنتي 2007 و2008 وقعت عمليتان مسلحتان فقط، أي عملية واحدة كل سنة، ولم تقع أي عملية مسلحة خلال السنتين الأخيرتين 2009 و2010.
لا شك في أن الانتصار هو مصطلح مطاطي في عالم الحروب الصغيرة، وهو دائماً موقت وغير مضمون، غير أن نشوء وضع يتيح لي أن أتجول بأمان مع أفراد أسرتي في سوق محانيه يهودا [في القدس الغربية] بعد عشرة أعوام من اندلاع انتفاضة الأقصى يثبت أننا انتصرنا.